التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٩٠
ودلالة تشهد لك على ما تقول " فات بها " أي هات بها " ان كنت " صادقا " من الصادقين " على طريق اليأس منه بذلك وجهله بصحته وامكانه.
واختلف النحويون - ههنا - في نقل (ان) الماضي إلى الاستقبال.
فقال أبو عباس لم تنقله هنا من أجل قوة (كان) لأنها أم الافعال، ولم يجزه من غيرها، وقال ابن السراج: المعنى ان تكن جئت بآية أي ان يصح ذلك، لأنه إذا أمكن ان يجري الحرف على أصله لم يجز اخراجه، وإنما جاز نقل (ان) الماضي إلى المستقبل للبيان عن قوتها في النقل إذ كانت تنقل الفعل نقلين إلى الشرط والاستقبال، كما أن (لم) تنقله إلى النفي والماضي.
وضمير المخاطب في " كنت " يرجع إلى المكنى، ولا يجوز مثل ذلك في (الذي) لان (الذي) غائب فحقه أن يعود إليه ضمير الغائب، وقد أجازوه - إذا تقدمت كناية المتكلم كما في قول الشاعر:
وان الذي قتلت بكرا بالقنا * وتركت تغلب غير ذات سنام (1) فعلى هذا لا يجوز أتيت الذي ضربك عمرو، والوجه ضربه. وإنما جاز وقوع الامر في جواب الشرط، لان فيه معنى: ان كنت جئت بآية فاني ألزمك أن تأتي بها، فقد عاد إلى أنه يجب الثاني بوجوب الأول. ولا يجوز مثل ذلك في الاستفهام، لأنه لم يقع معرفة غيره، ولو اتسع فيه جاز، مثل أن تقول: إن كان عندك دليل فما هو؟، ولا يجوز: ان قدم زيد، فأعمرو أقدمه؟ لان الألف لها صدر الكلام.
قوله تعالى:
فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين (106) ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين (107) آيتان بلا خلاف.

(1) مجمع البيان 3 / 456.
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»
الفهرست