التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٥٦
ولا ناقص عنه فيخرج إلى الاقتار. وقد استوفينا اختلاف الصور، والصورة بنية مقومة على هيئة ظاهرة.
وقوله " ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم " فالسجود هو وضع الجبهة على الأرض واصله الانخفاض من قول الشاعر:
ترى الاكم فيها سجدا للحوافر (1) وقيل في معنى السجود لآدم قولان:
أحدهما - انه كان تكرمة لادم وعبادة لله، لان عبادة غير الله قبيحة لا يأمر الله بها. وعند أصحابنا كان ذلك دلالة على تفصيل آدم على الملائكة على ما بينا في سورة البقرة. (2) وقال أبو علي الجبائي: أمروا ان يجعلوه قبلة، وأنكر ذلك أبو بكر بن أحمد بن علي الاخشاد بأن قال: هو تكرمة.، لان الله تعالى امتن به على عباده، وذكرهم بالنعمة فيه. فان قيل كيف قال " ثم قلنا للملائكة " مع أن القول للملائكة كان قبل خلقنا وتصويرنا؟
قلنا عن ذلك ثلاثة أجوبة:
أحدها - قال الحسن وأبو علي الجبائي: المراد به خلقنا إياكم ثم صورنا إياكم. ثم قلنا للملائكة، وهذا كما يذكر المخاطب ويراد به أسلافه، وذكرنا لذلك نظائر فيما مضى، منها قوله " وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور " (3) أي ميثاق اسلافكم. قال الزجاج المعنى ابتدأنا خلقكم بأن خلقنا آدم، ثم صورناه، ثم قلنا.
الثاني - قال ابن عباس ومجاهد والربيع وقتادة والضحاك والسدي:
ان المعنى خلقنا آدم ثم صورناكم في ظهره. ثم قلنا للملائكة.
الثالث - خلقناكم ثم صورناكم ثم إنا نخبركم أنا قلنا للملائكة، كما تقول: اني راحل ثم اني معجل. وقال الأخفش (ثم) ههنا بمعنى الواو، كما

(1) مر في 1 / 263 (2) المجلد الأول صفحة 139.
(3) سورة 2 البقرة آية 63، 93
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست