التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٧
فهو مخاطب وإن كان متكلما، فهو متكلم كقولك: نحن منطلق أجمعون عامدون، لان الاتباع قد دل على ذلك.
قوله تعالى:
ويا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (18) اية بلا خلاف.
في هذه الآية حكاية خطاب الله تعالى لادم وأمره إياه أن يسكن هو وزوجه حواء الجنة. واختلفوا في الجنة التي أسكن الله آدم فيها.
فقال قوم: إنها جنة الخلد، لان الجنة إذا أطلقت معرفة بالألف واللام لا يعقل منها في العرف إلا جنة الخلد، كما أن السماوات والأرض إذا أطلق لم يعقل منه إلا السماوات المخصوصة دون سقف البيت.
وقوله " وزوجك " إنما جاء به على لفظ التذكير، لان الإضافة أغنت عن ذلك وأبانت عن المعنى، فكان الحذف أحسن، لأنه أوجز يقال: لصاحب المنزل ساكن فيه، وإن كان يتحرك فيه أحيانا للتغليب، لان سكونه فيه أكثر، بجلوسه ونومه في ليله. وغير ذلك من أوقاته، وأباح الله تعالى لهما أن يأكلا من حيث شاءا، وأين شاءا ما شاءا، ونهاهما على وجه الندب ألا تقربا هذه الشجرة.
وعندنا إن ذلك لم يكن محرما عليهما بل نهاهما نهي تنزيه دون حظر وبالمخالفة فاتهما ثواب كثير، وإن لم يفعلا بذلك قبيحا، ولا أخلا بواجب.
ومن خالفنا قال أخطأ في ذلك على خلاف بينهم بأن ذلك صغيرة أو كبيرة.
ومن قال كانت صغيرة، منهم من قال: وقع ذلك منه سهوا ونسيانا. ومنهم من قال: وقع ذلك تأويلا من حيث نهي عن جنس الشجر، فحمله على شجرة بعينها، فأخطأ في التأويل. وقد بينا فساد ذلك فيما مضى (1).

(1) في المجلد الأول ص 160 - 164.
(٣٦٧)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، النهي (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست