التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٢
تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين (21) اية بلا خلاف.
معنى قوله " فدلاهما " حطهما إلى الخطيئة بغرور، ومنه قولهم: فلان يتدلى إلى الشر، لان الشر سافل والخير عال. وقيل: دلاهما من الجنة إلى الأرض بغرور. الغرور إظهار النصح مع ابطان الغش، وأصله الغر: طي الثوب يقال: اطوه على غره أي على كسر طيه، وقال الشاعر:
كأن غر متنه إذ نجنبه * سير صناع في خريز تكلبه (1) فالغرور بمنزلة الغر لما فيه من اظهار حال واخفاء حال، ومنه الغرر لخفاء ما لا يؤمن فيه. والغر الذي لم يجرب الأمور، لأنها تخفى عليه. والغرة الاخذ على غفلة. والغرارة الوعاء، لأنها تخفي ما فيها. والأغر الأبيض لظهور الثوب في غره، ومنه الغرة في الجبهة.
وقوله " فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما " أي ظهرت عورتاهما، ولم يكن ذلك على وجه العقوبة، لان الأنبياء لا يستحقون العقوبة، وإنما كان ذلك لتغير المصلحة، لأنهما لما تناولا من الشجرة اقتضت المصلحة اخراجهما من الجنة ونزعهما لباسهما الذي كان عليهما، واهباطهما إلى الأرض، وتكليفهما فيها.
وقوله " وطفقا " قال ابن عباس: معنى طفق جعل يفعل، ومثله قولهم:
ظل يفعل واخذ يفعل وابتدأ يفعل، فقد يكون ذلك بأول الفعل وقد يكون بالقصد إلى الفعل، ويقال: طفق يطفق وطفق يطفق طفقا.
وقوله " يخصفان عليهما من ورق الجنة " معناه يقطفان من ورق الجنة ليستترا به، ويحوزان بعضه إلى بعض، ومنه المخصف: المثقب الذي يخصف به النعل، والخصاف الذي يرفع النعل قال الشاعر:

(1) قائله (دكين بن رجاء الفقيمي) اللسان (كلب) و " غرمتنه " ما تثنى من جلده و (سير صناع) أي سير متصنع به من كثر الخرز فيه.
(٣٧٢)
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»
الفهرست