التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٥
قوله تعالى:
قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (23) آية بلا خلاف.
اختلفوا في المعنى بهذه الآية، فقال السدي وأبو علي الجبائي وأبو بكر ابن الاخشيد: ان المراد بالخطاب آدم وحواء وإبليس، جمع بينهم في الذكر، وإن كان الخطاب لهم وقع في أوقات متفرقة، لان إبليس امر بالهبوط حين امتنع من السجود، وآدم وحواء حين أكلا من الشجرة، وانتزع لباسهما. وقال أبو صالح: الخطاب متوجه إلى آدم وحواء والحية. وقال الحسن - قولا بعيدا من الصواب - وهو ان المراد به آدم وحواء والوسوسة، وهذا قول منعزب عنه، لان الوسوسة لا تخاطب.
والهبوط هو النزول بسرعة، والبعض هو أحد قسمي العدة، وأحد قسمي العشرة بعضها، واحد قسمي الاثنين بعضهما ولا بعض للواحد، لأنه لا ينقسم. وقوله " بعضكم لبعض " أضاف (البعض) إلى جملة هو منها، ولا يجوز ان يضاف (غير) إلى جملة هو منها، لان إضافة (غير) إلى الجملة والتفصيل لصحة أن يكون لكل واحد غير، وليس كذلك بعض، لأنه لا يصح أن يكون لكل واحد بعض فأضافته إلى الجملة فقط.
والعدو ضد الولي، ومن صفة العدو انه مراصد بالمكاره. ومن صفة الولي انه مراصد بالمحاب. وقال الرماني: العدو هو النائي بنصرته في وقت الحاجة إلى معونته، والولي هو الداني بنصرته في وقت الحاجة إلى معونته.
وقوله " ولكم في الأرض مستقر " فالمستقر قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال أبو العالية: هو موضع استقرار.
الثاني - انه الاستقرار بعينه، لان المصدر يجئ على وزن المفعول نحو
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»
الفهرست