التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٣
واسعى للندى والثوب جرد * محاسرة وفى نعلي خصاف يعني ترقيع، وقال الأعشى:
قالت أرى رجلا في كفه كتف * أو يخصف النعل لهفي آية صنعا (1) ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله (خاصف النعل في الحجرة) يعني عليا (ع).
والاخصاف سرعة العدو، لأنه يقطعه بسرعة. والخصف ثياب غلاظ جدا، لأنه يعسر قطعها لغلظها. وكان الحسن يقرأ " يخصفان " بمعنى يختصفان.
وقوله " من ورق الجنة " قيل: انه من ورق التين. واصل الورق ورق الشجرة، ومنه الورق اسم الدراهم. والورقة سواد في غبرة كأنه كلون الورق الذي بهذه الصفة، وحمامة ورقاء.
وفي ذلك دلالة على أن ستر العورة كان واجبا في ذلك الوقت.
وقوله " " وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة " حكاية عما قال الله تعالى لادم وحواء - بعد ان بدت سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الشجر - أليس كنت نهيتكما عن تلكما الشجرة، وإنما قال " تلكما " لأنه خاطب اثنين وأشار إلى الشجرة، فلذلك قال (تلكما) و " أقل لكما " عطف على " أنهكما " فلذلك جزمه " ان الشيطان لكما عدو مبين " يعني ظاهر العداوة.
وقد بينا ان آدم لم يرتكب قبيحا وان ما توجه إليه بصورة النهي كان المراد به ضربا من الكراهة دون الحظر، وإنما قلنا ذلك لقيام الدلالة على عصمتهما من سائر القبائح صغائرها وكبائرها، فعلى هذا لا يحتاج ان نقول: انهما تأولا فأخطئا، على ما قال البلخي والرماني، أو وقع منهما سهو أعلى ما قاله الجبائي:
قوله تعالى:
قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (22) آية بلا خلاف.

(1) ديوانه: 83 القصيدة 13.
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»
الفهرست