التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٥١
تعاطي واستخبار عن الحال التي جهلها بعضهم لتشاغلهم عن ذلك، كما قال " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " (6) وقوله " واقبل بعضهم على بعض يتساءلون " (7) فهو سؤال توبيخ وتقريع وتلاوم، كما قال " واقبل بعضهم على بعض يتلاومون " (8) وكقوله " أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم " (9) وقوله " ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار " (10) وهذا كثير في القرآن، وليس في شئ من ذلك تضاد بين المسألتين، ولا تنافي بين الخبرين بل اثبات لسؤال عن شئ آخر ومثله قول الشاعر:
فأصبحت والليل لي ملبس * وأصبحت الأرض بحر اطما فقوله: وأصبحت والليل لي ملبس لم يرد به الصبح، لأنه لو أراد لما نفاه ب‍ (والليل لي ملبس) وإنما أراد أصبحت بمعنى أشعلت المصباح وهو السراج أي أسرجت في ظلمة الليل، فلم يكن خبراه متضادين.
وقوله " وما كنا غائبين " فالغائب البعيد عن حضرة الشئ، ومعناه في الآية انه لا يخفى عليه شئ وذلك يدل على أنه ليس بجسم، لأنه لو كان جسما على العرش على ما يذهب إليه المجسمة لكان غائبا عما في الأرضين السفلى، لان من كان دون هذا بكثير فهو غائب عنا.
قوله تعالى:
والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون (7) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون (8) آيتان

(6) سورة 80 عبس آية 37.
(7) سورة 37 الصافات آية 27، 50 وسورة 52 الطور آية 25.
(8) سورة 68 القلم آية 30 (9) سورة 34 سبأ آية 32 (10) سورة 38 ص آية 61.
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست