التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٧٣
أحدهما - بتزيين الأمور التي يهوونها حتى يسهل عليهم فعلها.
والثاني - قال الحسن وابن جريج والزجاج والفراء وغيرهم: انه إذا كان الرجل أراد ان يسافر فيخاف سلوك طريق من الجن فيقول: أعوذ بسيد هذا الوادي، ثم يسلك فلا يخاف، كما قال تعالى " وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " (3) ووجه استمتاع الجن بالانس أنهم إذا اعتقدوا ان الانس يتعوذون بهم، ويعتقدون انهم ينفعونهم ويضرونهم أو أنهم يقبلون منهم إذا أغووهم كان في ذلك تعظيم لهم وسرور ونفع، ذكر ذلك الزجاج والبلخي والرماني. وقال البلخي: ويحتمل أن يكون قوله " استمتع بعضنا ببعض " مقصورا على الانس، فكأن الانس استمتع بعضهم ببعض دون الجن.
وقوله " بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال الحسن والسدي: انه الموت.
الثاني - الحشر، لان كل واحد منهما اجل في الحكم، فالموت اجل استدراك ما مضى، والحشر أجل الجزاء. وقال أبو علي: في الآية دلالة على أنه لا اجل الا واحد، قال لأنه لو كان له اجلان فكان إذا اقتطع دونه بأنه قتل ظلما لم يكن بلغ اجله، والآية تتضمن انهم اجمع يقولون: بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا. وقال الرماني وغيره من البغداديين: لا تدل على ذلك، بل لا يمتنع أن يكون له أجلان: أحدهما ما يقع فيه الموت، والاخر ما يقع فيه الحشر، وما كان يجوز أن يعيش إليه.
وقوله " قال النار مثواكم " جواب من الله تعالى لهم بأن النار مثواهم، وهو المقام، يقال: ثوى يثوي ثواء، قال الشاعر:
لقد كان في حول ثواء ثويته * تقضي ليانات ويسأم سائم (4) ومعنى الآية التقريع للغواة من الجن والإنس مع اعترافهم بالخطيئة في

(٣) سورة ٧٢ الجن آية ٦ (٤) قائله الأعشى ديوانه: ٥٦ وسيبويه ١ / ١٢٣، وتأويل مشكل القرآن: ٥٩.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست