التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٩
القبيح. وإنما ذكر الله ضيق صدر الكافر، وهو مما يصح ان يدعا به إلى الايمان في بعض الأحوال، كما يصح ان يدعا بانشراحه في غير تلك الحال.
ويقوي ما قلناه قوله " كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون " وإنما أريد بذلك ما يفعله بهم من العقاب والبراءة واللعنة والشتم والأسماء القبيحة مع ما أعد لهم من العقاب. وقال الحسن: معناه أنه يكون مقبول الايمان منشرح الصدر، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا، ومعناه انه يثقل عليه ما يدعا إليه من الايمان كأنما يصعد إلى السماء، فبذلك صار ضيق الصدر عن الايمان. " ويجعل الله الرجس " يعني رجاسة الكفر على الذين لا يؤمنون.
ووجه آخر في الآية، وهو أن نحملها على التقديم والتأخير كأنه قال: من يشرح الله صدره للاسلام يرد الله أن يهديه، ومن يجعل صدره ضيقا حرجا يرد الله أن يضله.
ووجه آخر وهو أن يكون الله تعالى لما دعاهم إلى الايمان وأمرهم ففعلوه انشرحت صدورهم، فنسب شرح ذلك إلى الله تعالى، ولما ضاقت صدور الكفار عند دعاء الله وإقامة الحجج عليهم وأمره إياهم بذلك فضلوا عند ذلك، صح ان ينسب اضلالهم إليه، كما يقولون: أضل فلان بعيره إذا ضل عنه، وهو لم يرد ذلك.
واللام في قوله " للاسلام " يحتمل أمرين:
أحدهما - أن يكون الله تعالى هداه بالألطاف التي ينشرح بها صدره للتمسك بالاسلام والاستبصار فيه، ولا يكون فعل ذلك بالكفار وان لم يخل بينهم وبين الايمان ولا منعهم منه، لأنه تعالى قد اعطى الكافر الصحة والسلامة والقوة، وجميع ما يتمكن به من فعل ما أمره به، وإنما لم يفعل بهم اللطف الذي يؤمنون عنده، لأنهم لما عدلوا عن النظر في آيات الله وحججه خرجوا من أن يكون لهم لطف يختارون عنده الايمان وصاروا مخذولين،
(٢٦٩)
مفاتيح البحث: المنع (1)، الإقامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست