التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٤
الجزور اتسر، فجعلت بمنزلة اتعد. وقال غيره: يجوز أن يكون من ضاق الامر يضيق ضيقا. وقد قرأه من قرأ " ولا تك في ضيق ". ومن فتح الراء من (حرج) جعلها وصفا للمصدر، لان المصادر قد توصف بمثل ذلك، كقولهم رجل دنف أي ذو دنف ولا يكون كبطل لان اسم الفاعل في الأكثر من (فعل) إنما يجئ على (فعل). ومن كسر الراء فهو مثل دنف، وفرق. قال أبو زيد وحرج عليه السحور والسحر: إذا أصبح قبل أن يتسحر وحرج عليه حرجا وهما واحد، وحرجت على المرأة الصلاة تحرج حرجا، وحرمت عليها الصلاة تحرم حرما بمعنى واحد، ويقال حرج فلان يحرج إذا هاب ان يتقدم على الامر أو قاتل فصبر وهو كاره.
وقال غيره: هما بمعنى واحد كالدنف والدنف، والوحد والوحد، والفرد والفرد وقيل: الحرج الاثم والحرج الضيق الشديد.
ومن قرأ " يصعد " من الصعود، فالمعنى أنه في نفوره عن الاسلام، وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يطيقه، كما أن صعود السماء لا يستطاع.
ومن قرأ " يصعد " بتشديد الصاد والعين بلا الف أراد يتصعد فادغم.
والمعنى كأنه يتكلف ما يثقل عليه. وكأنه تكلف شيئا بعد شئ كقولك يتصرف ويتحرج وغير ذلك مما يتعاطى فيه الفعل شيئا بعد شئ ويصاعد مثل يصعد ومثل ضاعف وضعف وناعم ونعم.
والضمير في قوله " يشرح صدره للاسلام " يحتمل أن يكون راجعا إلى (من) وتقديره ان المهدي يشرح صدر نفسه، وهو جيد ويكون تقديره: من أراد الله أن يثيبه ويهديه إلى طريق الجنة فليطعه. ومن أراد ان يعاقبه فليعصه فالإرادة واقعة على فعل العبد بقلبه بالاحراج والضيق. ويقوي ذلك قوله " من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله " (1) فان الطمأنينة إلى الايمان فعلهم

(1) سورة 16 النحل آية 106.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست