التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٢
قوله تعالى:
وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون (124) قرأ ابن كثير وحفص رسالته على التوحيد ونصب التاء. الباقون على الجمع. ومن وحد، فلان الرسالة تدل على القلة والكثرة لكونها مصدرا.
ومن جمع، فلما تكرر من رسل الله وتحميله إياهم رسالة بعد أخرى فاتى بلفظ الجمع.
أخبر الله تعالى عن هؤلاء الكفار أنه إذا جاءتهم آية ودلالة من عند الله تدل على توحيد الله وصدق أنبيائه ورسله " قالوا لن نؤمن " اي لا نصدق بها " حتى نؤتي " أي نعطى آية مثل ما أعطي رسل الله حسدا منهم للأنبياء (عليهم السلام). ثم أخبر تعالى على وجه الانكار عليهم بأنه تعالى أعلم منهم ومن جميع الخلق حيث يجعل رسالاته، لان الرسالة تابعة للمصلحة، ولا يبعث الله تعالى الا من يعلم أن مصلحة الخلق تتعلق ببعثه دون من لا يتعلق ذلك به.
ومن يعلم أنه يقوم بأعباء الرسالة دون من لا يقوم بها. وتوعدهم فقال: " سيصيب الذين أجرموا " أي سينال الذين انقطعوا إلى القبيح وأقدموا عليه " صغار عند الله " والصغار الذل الذي يصغر إلى الانسان نفسه يقال:
صغر يصغر صغارا وصغرا، وقيل في معنى الصغار عند الله ثلاثة أقوال:
أولها - صغار أي ذلة من عند الله، ولا يجوز على هذا أن يقال: زيد عند عمر بمعنى من عنده، لان حذف (من) تلبيس - ههنا -.
الثاني - قال الفراء اكتسب من ترك اتباع الحق صغارا عند الله.
الثالث - قال الزجاج يعني صغار في الآخرة، وهو أقواها، لقوله " وعذاب شديد بما كانوا يمكرون " في دار الدنيا، و " عند الله " يتعلق بقوله
(٢٦٢)
مفاتيح البحث: الصدق (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست