التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٧
به اسم من أبدى شرعهم، ولم يبعث محمدا صلى الله عليه وآله، بل كذبه، وذلك ليس هو الله، فلا يجوز اكل ذبيحتهم. ولأنهم لا يعرفون الله، فلا يصح منهم القصد إلى ذكر اسمه.
فأما من عدا أهل الكتابين فلا خلاف في تحريم ما يذبحونه.
وليست الآية منسوخة ولا شئ منها، ومن ادعى نسخ شئ منها فعليه الدلالة.
وقال الحسن وعكرمة: نسخ منها ذبائح الذين أوتوا الكتاب بقوله " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " (1) وعندنا ان ذلك مخصوص بالحبوب دون الذبائح.
وقال قوم: ليس أهل الكتاب داخلين في جملة من يذكر اسم الله على ذبيحته، وليس واحد من هؤلاء معنيا بالآية، فلا يحتاج إلى النسخ.
وقوله " وانه لفسق " يعني ما لم يذكر اسم الله عليه أي أكله فسق.
وحذف لدلالة الكلام عليه.
وقوله " وان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم " يعني بالشياطين علماءهم ورؤساءهم المتمردين في كفرهم يوحون ويشيرون إلى أوليائهم الذين اتبعوهم من الكفار بأن يجادلوا المسلمين في استحلال الميتة. وقال الحسن يجادلونهم بقولهم: ان ما قتل الله أولى بأن يؤكل مما قتله الناس وقال عكرمة: المراد بالشياطين مردة الكفار من مجوس فارس " إلى أوليائهم " من مشركي قريش. وقال ابن عباس: المراد بالشياطين ههنا إبليس وجنوده بأن يوسوسوا إليهم ويوحون إلى أهل الشرك بذلك، وبه قال قتادة. وقال قوم:
الذين جادلوا بذلك كانوا قوما من اليهود جادلوا رسول الله صلى الله عليه وآله بأن ما قتله الله أولى بالاكل مما قتله الناس. ثم قال تعالى " وان أطعتموهم " أيها المؤمنون فيما يقولونه من استحلال أكل الميتة وغيره " انكم لمشركون " لان من استحل الميتة كافر بالاجماع. ومن اكلها محرما لها مختارا، فهو فاسق

(1) سورة 5 المائدة آية 6.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست