التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٦
في أكثر الكلام وكذلك تقول في قوله " يوم القيامة يفصل بينكم " (1) وكذلك قوله: " وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك " (2) فدون في موضع رفع عنده وإن كان منصوب اللفظ، كما تقول منا الصالح ومنا الطالح فترفع.
وقال الزجاج: الرفع أجود وتقديره لقد تقطع وصلكم. والنصب جائز على تقدير لقد تقطع ما كنتم فيه من الشركة بينكم.
وقال الفراء في قراءة عبد الله " لقد تقطع ما بينكم ": وهو وجه الكلام إذا جعل الفعل ل‍ (بين) ترك نصبا في موضع رفع، لأنه صفة، فإذا قالوا هذا دون من الرجال، فلم يضيفوه رفعوه في موضع الرفع. وكذلك تقول بين الرجلين بين بعيد وبون بعيد إذا أفردته أجريته في العربية وأعطيته الاعراب.
قال مهلهل:
كأن رماحهم اشطان بئر * بعيد بين جاليها جرور (3) فرفع بين حيث كانت اسما. وقال مجاهد: معنى تقطع بينكم اي تواصلكم، وبه قال قتادة وابن عباس، فمعنى الآية الحكاية عن خطاب الله تعالى يوم القيامة لهؤلاء الكفار الذين اتخذوا مع الله أندادا وشركاء، وانه يقول لهم عند ورودهم:
" لقد جئتمونا فرادى " وهو جمع فرد، وفريد، وفرد، وفردان قال الأزهري لا يجوز فرد على هذا المعنى. والعرب تقول: فرادى وفراد فلا يصرفونها يشبهونها بثلاث ورباع قال الشاعر:
ترى النعرات الزرق تحت لبانه * فرادى ومثنى أضعفتها صواهله (4) وقال نابغة بني ذبيان:

(1) سورة 60 الممتحنة آية 3 (2) سورة 72 الجن آية 11 (3) اللسان " بين " وأمالي القالي 2 / 132 وتفسير الطبري 11 / 549.
" الاشطان " الحبال المحكمة الفتل وجالي البئر جوانبها. و " جرور " صفة للبئر البعيد القعر.
(4) مر تخريجه في 3 / 106 تعليقة 2.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست