التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٩٥
نصب الأدلة، لأنه تعالى قال في آخر الآيات: " وكذلك نجزي المحسنين " فبين أن ذلك جزاء ولا يليق إلا بالثواب الذي يختص به المحسنون دون الهداية التي هي الدلالة ويشترك فيها المؤمن والكافر، وهو قول أبي علي الجبائي والبلخي.
وقوله: " أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة " إشارة إلى من تقدم ذكره من الأنبياء.
وقوله " فان يكفر بها هؤلاء " يعني الكفار الذين جحدوا نبوة النبي صلى الله عليه وآله في ذلك الوقت، " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " معنى (وكلنا بها) اي وكلنا بمراعاة أو النبوة وتعظيمها والاخذ بهدي الأنبياء قوما ليسوا بها بكافرين. وإنما أضاف ذلك إلى المؤمنين وإن كان قد فعل بالكافرين أيضا إزاحة العلة في التكليف من حيث أن المؤمنين هم الذين قاموا بذلك وعملوا به فأضافه إليهم، كما أضاف قوله " هدى للمتقين " وإن كان هداية لغيرهم.
وقيل في المعنيين بقوله " ليسوا بها بكافرين " ثلاثة أقوال: أحدها - انه عنى بذلك الأنبياء الذين جرى ذكرهم آمنوا بما أتى به النبي صلى الله عليه وآله في وقت مبعثهم وهو قول الحسن والزجاج والطبري والجبائي. قال الزجاج لقوله تعالى " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " وذلك إشارة إلى الأنبياء الذين ذكرهم ووصفهم وامر النبي صلى الله عليه وآله بالاقتداء بهداهم.
والثاني - انه عنى به الملائكة، ذهب إليه أبو رجاء العطاردي.
وقال قوم عنى به من آمن من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله في وقت مبعثه.
وقال الفراء والضحاك: قوله " فان يكفر بها هؤلاء " يعني أهل مكة " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " يعني أهل المدينة، والأول أقوى.
وفى الآية دلالة على أن الله تعالى يتوعد من يعلم أنه لا يشرك ولا يفسق وان الوعد والوعيد قد يكونان بشرط.
وقوله: " أولئك الذين هدى الله " معناه أولئك الذين حكم الله لهم
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست