التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٩٧
إلى الضمير، وقياسه إذا وقف عليه أن يقول اقتده فيكسر (هاء) الضمير، كما تقول اشتره في الوقف. وفي الوصل اشتريه لنا يا هذا.
واستدل قوم بقوله (فبهداهم اقتده) على أن النبي صلى الله عليه وآله كان متعبدا بشريعة من قبله من الأنبياء وهذا لا دلالة فيه، لان قوله (فبهداهم اقتده) معناه فبأدلتهم اقتده. والدلالة ما أوجبت العلم ويجب الاقتاء بها، لكونها موجبة للعلم لا غير ولذلك قال تعالى (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده) فنسب الهدى إلى نفسه، فعلم بذلك أنه أراد ما قلناه. وقوله (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) يدل على أن الهدى في قوله (واجتبيناهم وهديناهم) هداية الثواب على الأعمال الصالحة، لان الثواب على الاعمال هو الذي ينحبط تارة ويثبت أخرى دون الهداية التي هي الأدلة الحاصلة للمؤمن والكافر. وقوله (وكلا فضلنا على العالمين) يعني على عالمي زمانهم الذين ليسوا أنبياء وإنما دخلت (من) في قوله " من آبائهم وذرياتهم " للتبعيض كأنه قال: وبعض آبائهم وبعض ذرياتهم وبعض اخوانهم هديناهم ولو لم تدخل (من) لاقتضى انه هدى جميعهم الهداية التي هي الثواب، والامر بخلافه. وقوله " اجتبيناهم " معناه اخترناهم.
وقوله (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) لا يدل على صحة ثواب طاعاتهم التي أشركوا في توجيهها إلى غير الله لأنهم أوقعوها على خلاف الوجه الذي يستحق به الثواب، فأما ما تقدم فليس في الآية ما يقتضي بطلانه غير أنا قد عملنا أنه إذا أشرك لا ثواب معه أصلا، لاجماع الأمة على أن المشرك لا يستحق الثواب، فلو كان معه ثواب وقد ثبت أن الاحباط باطل، لكان يؤدي إلى أن معه ثوابا وعقابا، لأنا قد بينا بطلان القول بالتحابط في غير موضع وذلك خلاف الاجماع.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست