التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٩٤
نسقا على نوح. ويحتمل أن يكون قوله " ومن ذريته " الهاء راجعة إلى نوح لان الأنبياء المذكورين كلهم من ذريته. قال الزجاج ويجوز أن يكون من ذريته إبراهيم لان ذكرهما جميعا قد جرى، وأسماء الأنبياء التي جاءت بعد قوله " ونوحا هدينا من قبل " نسق على (نوح) نصب كلها، ولو رفعت على الابتداء كان صوابا. قال أبو علي الجبائي: الهاء لا يجوز أن تكون كناية عن إبراهيم، لان فيمن عدد من الأنبياء لوطا وهو كان ابن أخته، وقيل ابن أخيه، ولم يكن من ذريته.
وهذا الذي قاله ليس بشئ، لأنه لا يمنع أن يكون غلب الأكثر. وجميع من ذكر من نسل إبراهيم، على أنه قال فيما روى عنه ابن مسعود أن الياس:
إدريس، وهو جد نوح، ولم يكن من ذريته، ومع هذا لم يطعن على قول من قال: إنها كناية عن نوح. وقال ابن إسحاق: الياس هو ابن أخي موسى ويجوز أن تكون الهاء كناية عن إبراهيم ويكون من سماهم إلى قوله " وكل من الصالحين " من ذريته، ثم قال " وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا " فعطفهم على قوله " ونوحا هدينا ".
وفي الآية دلالة على أن الحسن والحسين من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله، لان عيسى جعله الله من ذرية إبراهيم أو نوح، وإنما كانت أمه من ذريتهما، والوجه في الآيات أن الله تعالى أخبر أنه رفع درجة إبراهيم بما جعل في ذريته من الأنبياء وجزاه بما وصل إليه من السرور والابتهاج عندما أعلمه عن ذلك وبما أبقى له من الذكر الرفيع في الاعقاب، والجزاء على الاحسان لذة وسرور من أعظم السرور وأكثر اللذات إذا علم الانسان بأنه يكون من عقبة وولده المنسوبين إليه أنبياء يدعون إلى الله ويجاهدون في سبيله ويكونون ملوكا وخلفاء يطيعون الله ويحكمون بالحق في عباد الله.
ثم اخبر انه جزى نوحا بمثل ذلك على قيامه في الدعاء إليه والجهاد في سبيله. والهداية في الآيات كلها هو الارشاد إلى الثواب دون الهداية التي هي
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست