التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٩١
قاله البلخي لا يلزم لأنه قول بدليل الخطاب لان المشرك غير آمن بل هو مقطوع على عقابه بظاهر الآية، ومرتكب الكبيرة غير آمن لأنه يجوز العفو، ويجوز المؤاخذة وإن كان ذلك معلوما بدليل، وظاهر قوله " ولم يلبسوا ايمانهم بظلم " وإن كان عاما في كل ظلم، فلنا ان نخصه بدليل أقوال المفسرين وغير ذلك من الأدلة الدالة على أنه يجوز العفو من غير توبة. وروي عن علي (ع): أن الآية مخصوصة بإبراهيم. وقال عكرمة مختصة بالمهاجرين. واما الظلم في أصل اللغة فقد قال الأصمعي هو وضع الشئ في غير موضعه، قال الشاعر يمدح قوما:
هرت الشقاشق ظلامون للجزر (1) فوصفهم انهم ظلامون للجزر، لأنهم عرقبوها فوضعوا النحر في غير موضعه، وكذلك الأرض المظلومة سميت بذلك لأنه صرف عنها المطر، ومنه قول الشاعر:
والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد (2) سماها مظلومة لأنهم كانوا في سفر فتحوضوا حوضا لم يحكموا صنعته ولم يضعوه في موضعه.
قوله تعالى:
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم (83) آية بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة ويعقوب " درجات من نشاء " الباقون بالإضافة، من أضاف ذهب إلى أن المرفوعة هي الدرجات لمن نشاء ومن نون أراد ان المرفوع صاحب الدرجات، وتقديره نرفع من نشاء درجات، والدرجات معناها المراتب.

(1) مقاييس اللغة 3: 469 وصدره: (عاد الأذلة في دار وكان بها).
(2) اللسان " بين "، " ظلم ".
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست