التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٨٧
الذي لا يموت. وأخبر انه يوجه عبادته ويخلصها له تعالى. والاستقامة في ذلك لربه على ما يجب من التوحيد لا على الوجه الذي توجه له من حيث ليس بحنيف. ومعنى الحنيف هو المائل إلى الاستقامة على وجه الرجوع فيه. وقوله " وما أنا من المشركين " اني لست منكم، ولا ممن يدين بدينكم، ويتبع ملتكم أيها المشركون.
قوله تعالى:
وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شئ علما أفلا تتذكرون (80) آية عند الجيع قرأ أهل المدينة وابن ذكوان " أتحاجوني " بتخفيف النون. الباقون بتشديدها.
وقرأ الكسائي والعبسي " وقد هداني " بالإمالة. الباقون بالتفخيم.
قال أبو علي: من شدد فلا نظر في قوله. ومن خفف فإنه حذف النون الثانية لالتقاء الساكنين. والتضعيف يكره، فيتوصل إلى ازالته تارة بالحذف نحو علم أني فلان، وتارة بالابدال نحو لا املاه عني تفارقا، ونحو ديوان وقيراط، فحذفوا الثانية منهما كراهية التضعيف. ولا يجوز أن يكون المحذوفة الأولى، لان الاستثقال يقع بالتكرير في الامر الأعم وفي الأولى أيضا أنها دلالة الاعراب ولذا حذفت الثانية كما حذف الشاعر في قوله:
ليتي أصادفه وافقد بعض مالي (1).
وقال بعضهم حذف هذه النون لغة غطفان. وحكى سيبويه هذه القراءة مستشهدا بها في حذف النونات كراهية التضعيف. اما إمالة (هداني) فحسنة،

(1) قائله زيد الخيل، اللسان (ليت) وروايته.
كمنية جابر إذ قال ليتي * أصادفه وأتلف جل مالي.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست