التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٨٨
لأنه من هدى يهدي، فهو من الياء. وإذا كانوا أما لوا (غزا، ودعا)، لأنه قد يصير إلى الياء في غزي ودعي. فهذا لا اشكال في حسنه.
قوله " وحاجة قومه " يعني في وجوب عبادة الله وترك عبادة آلهتهم وخوفوه من تركها وان لا يأمن ان تخبله آلهتهم من الأصنام وغيرها، فقال لهم إبراهيم (ع) " أتحاجوني في الله وقد هداني " بأن وفقني لمعرفته ولطف بي في العلم بتوحيده وترك الشرك واخلاص العبادة له " ولا أخاف ما تشركون به " أي لا أخاف منه ضررا ان كفرت به ولا أرجو نفعا إن عبدته، لأنه بين صنم قد كسر، فلم يدفع عن نفسه أو نجم دل أفوله على حدوثه، فكيف تحاجوني وتدعونني إلى عبادة من لا يخاف ضرره ولا يرجا نفعه " الا أن يشاء ربي شيئا " فيه قولان:
أحدهما - الا أن يقلبها الله، فيحييها ويقدرها فتضر وتنفع، فيكون ضررها ونفعها إذ ذاك دليلا على حدوثها أيضا، وعلى توحيد الله وأنه المستحق للعبادة دون غيره وانه لا شريك له في ملكه، ثم أثنى عليه تعالى فأخبر بأنه عالم بكل شئ، وأمرهم بالتذكر والتدبر لما أورده عليهم مما لا يدفعونه ولا يقدرون على انكاره ان انصفوا.
الثاني - قال الحسن: قوله: " ولا أخاف ما تشركون به " أي لا أخاف الأوثان " الا أن يشاء ربي شيئا " استوجبه على الله تعالى، أو يشاء الله ان يدخلني في ملتكم بالكفر. والأول هو الأجود.
(أتحاجوني) أصله (أتحاجونني) بنونين إحداهما للجمع والأخرى لاسمه، فأدغمت إحداهما في الأخرى، فشددت ومثله (تأمرونني) وقد يخفف مثل هذا في بعض المواضع، قال الشاعر:
أبا لموت الذي لابد أني * ملاق لا أباك تخوفيني فجاء بنون واحدة وخففها، والأول أجود وأكثر في العربية.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست