التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٧
من وحش وجرة موشي أكارعه * طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد (5) وكان يونس يقول: فرادى جمع فرد كما قيل: توآم وتوءم. ومثل الفرادى الردافى والعرابي، ورجل افرد وامرأة فرداء: إذا لم يكن لها أخ. وقد فرد الرجل فهو يفرد فرودا يراد به تفرد فهو فارد.
فمعنى قوله " جئتمونا فرادى " اي وحدانا لا مال لكم ولا أثاث ولا رقيق ولا شئ مما كان الله خولكم في الدنيا " كما خلقناكم أول مرة ".
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (يحشرون حفاة عراة عزلا) والعزل هم الغلف. وروي ان عايشة قالت لرسول الله حين سمعت ذلك وا سوأتاه ينظر بعضهم إلى سوءة بعض من الرجال والنساء، فقال رسول الله: " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " (6) فيشغل بعضهم عن بعض.
قال الزجاج: يحتمل أن يكون المعنى كما بدأكم أول مرة، اي كان بعثكم كخلقكم من غير كلفة ولا مشقة.
وقال الجبائي: معناه جئتم فرادى واحدا واحدا " كما خلقناكم أول مرة " اي بلا ناصر ولا معين كما خلقكم في بطون أمهاتكم، ولا أحد معكم.
وقوله: " وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم " يعني ما ملكناكم في الدنيا مما كنتم تتباهون به في الدنيا وهذا تعيير من الله لهم لمباهاتهم التي كانوا يتباهون في الدنيا بأموالهم، يقال: خولته اي أعطيته. ويقال خال الرجل يخال أشد الخيال بكسر الخاء وهو خائل ومنه قول أبي النجم:
اعطى فلم يبخل ولم يبخل * كوم الذرى من خول المخول (7) " وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء " يقول تعالى

(5) ديوانه: 26 واللسان " فرد ". و (وجرة) اسم مكان بين مكة والبصرة قال الأصمعي: هي أربعون ميلا ليس فيها منزل فهي مرتع للوحوش وقد أكثر الشعراء ذكرها. و (موشى اكارعه) فيها سواد و (طاوي المصير) ضامر البطن. و (المصير) جمع مصران.
(6) سورة 80 عبس آية 37.
(7) تفسير الطبري 11 / 545.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست