التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٠٧
بين الله تعالى أن هؤلاء الكفار الذين ذكرهم كانوا ينهون عن اتباع القرآن، وقبوله والتصديق بنبوة نبيه، ويبعدون عنه، لان معنى (ينأون) يبعدون إلى حيث لا يسمعونه خوفا من أن يسبق إلى قلوبهم الايمان به والعلم بصحته.
وقوله " وان يهلكون الا أنفسهم " معناه ليس يهلكون إلا أنفسهم " وما يشعرون " انهم ما يهلكون بنهيهم عن قبوله، وبعدهم عنه " الا أنفسهم " لأنهم لا يعلمون اهلاكهم إياها بذلك وإهلاكهم إياها هو ما يستحقون به الصيرورة إلى العذاب الأبدي في النار. وهل هناك هلاك أعظم من ذلك؟!. والنأي:
البعد " ينأون " أي يتباعدون عنه، تقول نأيت عن الشئ أنأى نأيا، إذا بعدت عنه. والنؤي حاجز يجعل حول البيت من الخوف لان لا يدخله الماء من خارج يحفر حفرة حول البيت فيجعل ترابها على شفير الحفيرة، فيمنع التراب الماء أن يدخل من خارج، وهو مأخوذ من النأي، أي تباعد الماء عن البيت.
وفي الآية دلالة على بطلان قول من قال معرفة الله ضرورة، وأن من لا يعرف الله ولا يعرف نبيه لا حجة عليه، لان الله بين أن هؤلاء الكفار قد أهلكوا أنفسهم بنهيهم عن قبول القرآن وتباعدهم عنه وانهم لا يشعرون ولا يعلمون باهلاكهم أنفسهم بذلك، فلو كان من لا يعرف الله ولا نبيه ولا دينه لا حجة عليه، لكانوا هؤلاء معذورين ولم يكونوا هالكين وذلك خلاف ما نطق به القرآن.
قوله تعالى:
ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (27) آية بلا خلاف.
قرأ حمزة ويعقوب وحفص " ولا نكذب.. وتكون " بالنصب فيهما،
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست