التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٩٦
ويعتقدون مع ذلك انهم عالمون به، فقال الله تعالى " يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " في اعتقادهم، لا انهم يعرفونه على الحقيقة كما قال " ذق إنك أنت العزيز الكريم " (1) يعني عند نفسك، وقومك.
الثاني - ان يكونوا عرفوا ذلك على وجه لا يستحق به الثواب، لأنهم يكونون نظروا في الأدلة لا لوجه وجوب ذلك عليهم، فولد ذلك المعرفة لكن لا يستحق بها الثواب. وقد بينا مثل ذلك في عدة مواضع فيما مضى (2) فسقط السؤال.
وقوله " الذين خسروا أنفسهم " يعني بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وآله على وجه المعاندة " فهم لا يؤمنون " وخسرانهم أنفسهم اهلاكهم لها بهذا الكفر، وتصييرهم لها إلى أن لا ينتفعون بها. ومن جعل نفسه بحيث لا ينتفع بها فقد خسر نفسه.
قوله تعالى:
ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون (21) آية.
أخبر الله تعالى ان من أفترى على الله الكذب فوصفه بخلاف صفاته، وأخبر عنه بخلاف ما اخبر به عن نفسه، وعن أفعاله أنه لا أحد أظلم لنفسه منه إذ كان بهذا الفعل قد أهلك نفسه وأوقعها في العذاب الدائم في النار. ثم أخبر أن الظالم لا يفلح أي لا يفور برحمة الله وثوابه ورضوانه، ولا بالنجاة من النار، لان الظلم - هاهنا هو الكفر بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وذلك لا يغفر بلا خلاف.
قوله تعالى:
ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين

(1) سورة 44 الدخان آية 49 (2) في 1 / 192 و 2 / 21 و 498.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست