بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٦٩٧
* (.. ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) * (1) فنحن منهم؟ فشرب (2)، وقال (3): كل الناس أفقه من عمر (4).
أقول: لعله كان في رجوعه أبين خطأ من ابتدائه، فتدبر.
والاخبار في ذلك كثيرة في كتبنا وكتبهم لا نطيل الكلام بإيرادها (5)،

(١) الأحقاف: ٢٠.
(٢) لا توجد في شرح النهج: فنحن منهم فشرب.
(٣) في المصدر: فقال عمر.
(٤) وقد كرر قوله هذا في أكثر من مورد، وقد أشرنا إلى جملة من هذه الموارد وإليك مورد آخر:
أخرج جمع من الحفاظ: أن رجلا قال عند عمر: اللهم اجعلني من القليل. فقال عمر: ما هذا الدعاء؟. فقال الرجل: إنما سمعت الله يقول: * (وقليل من عبادي الشكور) *. فأنا أدعوه أن يجعلني من ذلك القليل. فقال عمر: كل الناس أفقه من عمر.
تفسير السيوطي ٥ / ٢٢٩، وفي لفظ القرطبي في تفسيره ١٤ / ٢٧٧: كل الناس أعلم منك يا عمر، وفي تفسير الكشاف ٢ / ٤٤٥: كل الناس أعلم من عمر: وفي قصة مرت جاء في آخرها:
كل واحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر.. كما وردت في الرياض النضرة ٢ / ٥٧، والفتوحات الاسلامية ٢ / ٤٠٨، ونور الابصار: ٦٥، وغيرهم. وهناك ألفاظ أخر مرت وستأتي.
(٥) ونحن تبعا لشيخنا العلامة أعلى الله مقامه نستدرك جملة مما جهله معدن الجهل وجوهره وأس الانحراف وأساسه، بعد أن استدركنا الكثير عليه في مطاعنه السالفة، وسنأتي على غيرها في آخره بإذن الله، فنقول:
ومنها: جهله لما لا يجهله الصبيان والعوام وهي معاني الألفاظ، وهي كثيرة جدا نعرض عن ذكرها وندرج بعض مصادرها.
منها: ما ذكره الزمخشري في تفسيره الكشاف ٢ / ١٦٥، القرطبي في تفسيره ١٠ / ١١٠، والبيضاوي في تفسيره ١ / ٦٦٧، وغيرهم.
ومنها: ما ذكره ابن كثير في تفسيره ١ / ١٧٥، وتفسير الخازن ٢ / ٥٣، والسيوطي في الدر المنثور ٣ / ٤٥، والهندي في كنز العمال ١ / ٢٨٥،. وذكر واقعة أخرى في كنزه ١ / ٢٥٧، وقصة رابعة أوردها الحاكم النيسابوري في مستدركه ٣ / ٣٠٥.. وغيرهم وغيرها مما يخجلنا نقلها وسردها، فراجعها.
ومنها: ما أورده ابن القيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية: ٤٦ من جهل الخليفة بمعاريض الكلم وفي أكثر من قصة، وذكرت لها عدة موارد أورد بعضها الكنجي في الكفاية: ٩٦، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: ١٨، ونظيرها في نور الابصار للشبلنجي: ٧٩، ومقارب لها في تفسير الكشاف ٢ / ٤٤٥، وتفسير السيوطي ٥ / ٢٢٩، وتفسير القرطبي ١٤ / ٢٧٧، وحكى بعض مواردها الدولابي في الكنى والألقاب ١ / ١٩٢، والجاحظ في الأذكياء: ٤٩، ١٤٢، وابن أبي الحديد في شرح النهج ٣ / ١٠٥، والسيوطي في تاريخ الخلفاء: ٩٦، وابن حجر في الإصابة ٣ / ٣١٥.. وغيرهم.
ومن جهل الألفاظ ومعاريض الكلام كيف ينتظر منه دركه لمعاني القرآن أو أحكام الله سبحانه وسنة نبيه و..؟!.
ومنها: حكم الخليفة الثاني في التحليل من الاحرام في الحج، ونقض الصحابة طرا عليه، كما جاء في الموطأ لمالك: ٢٨٥، وصحيح الترمذي ١ / ١٧٣، وسنن البيهقي ٥ / ٢٠٤، وجامع بيان العلم ٢ / ١٩٧، والإصابة للزركشي: ٨٨، وغيرهم كثير.
ومنها: ما ارتآه الخليفة في الحائض بعد الإفاضة، فعن ابن عمر أنه قال: طافت امرأة بالبيت يوم النحر ثم حاضت، فأمر عمر بحبسها بمكة بعد أن ينفر الناس حتى تطهر وتطوف البيت. كما أخرجها البخاري في صحيحه - كتاب الحج - باب إذا حاضت المرأة، وكتاب الحيض باب المرأة تحيض بعد الإفاضة، وكتاب الحج باب المرأة إذا حاضت بعد الإفاضة. كما وأخرجها مسلم في صحيحه في تلك الأبواب. وقد خان الشيخان هنا إذ أسقطا ذيل الرواية التي ذكرها في فتح الباري ٣ / ٤٦٢ في قولة عمر هنا: يكون آخر عهدها بالبيت!. وأورد القصة الدارمي في سننه ٢ / ٦٨، وأبو داود في سننه ١ / ٣١٣ بشكل آخر وإسناد مغاير، وقالها الترمذي في سننه ١ / ١٧٧، وابن ماجة في كتابه ٢ / ٦٨، والبيهقي في سننه ٥ / ١٦٢، والبغوي في مصابيح السنة ١ / ١٨٢، وغيرهم.
ومنها: جهله بكفارة بيض النعم، إذ جاء في الرياض النضرة ٢ / ٥٠ و ١٩٤، وذخائر العقبى:
٨٢
، والكفاية للشنقيطي: ٥٧، وغيرهم في قصة حاصلها: أن قوما أصابوا بيض النعم وسألوا الخليفة وجهل الحكم، ثم رجعوا إلى باب مدينة العلم سلام الله عليه، فقال: يضربون الفحل قلائص أبكارا بعدد البيض فما نتج منها أهدوه. قال عمر: فإن الإبل تخرج. قال علي عليه السلام:
والبيض يمرض. فلما أدبر، قال عمر: اللهم لا تنزل بي شديدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي!.
ومنها: جهل الخليفة بحكم المجوس، وقوله: ما أدري ما أصنع بالمجوس وليسوا أهل الكتاب..، وفي لفظ آخر: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟.. فقال له عبد الرحمن بن عوف:
سمعت رسول الله (ص) يقول: سنوا بهم سنة أهل الكتاب. قاله مالك في الموطأ ١ / ٢٠٧، والبخاري في صحيحه - كتاب الجهاد - باب الجزية ٦ / ١٥٨، وأحمد بن حنبل في مسنده ١ / ١٩٠ - ١٩١، والترمذي في الجامع ١ / ١٩٢ [طبعة أخرى: ١ / ٣٠٠] وقد أورده بعدة طرق مصححة، والدارمي في سننه ٢ / ٢٣٤، وأبو داود في سننه ٢ / ٤٥، والجصاص في أحكام القرآن ٣ / ١١٤، والبيهقي في السنن الكبرى ٨ / ٢٤٨، ٩ / ١٨٩، وتيسير الوصول ١ / ٢٤٥، وسيرة عمر لابن الجوزي: ١١٤ وما بعدها.. وغيرهم. وهذا حكم جهله إلى سنة قبل موته كما نص عليه الخطيب التبريزي: ٣٤٤ وجمع.
ومنها: ما رواه الطبري في تفسيره ٦ / ٦٨، وابن كثير في تفسيره ٣ / ٢٣٩، والقرطبي في تفسيره ١٢ / ١٠٧، وغيرهم في قصة حاصلها: أن امرأة تسررت غلامها، فذكر ذلك لعمر، فسألها: ما حملك على ذلك؟. قال: كنت أراه يحل لي بملك يميني كما يحل للرجل المرأة بملك اليمن، فاستشار عمر في رجمها أصحاب رسول الله (ص)، فقالوا: تأولت كتاب الله عز وجل على غير تأويله، لا رجم عليها. فقال عمر: لا جرم، والله لا أحلك لحر بعده أبدا!!.
ومنها: ما أخرجه أبو داود في سننه ٢ / ٢٤٢ في حديث: جلد أبو بكر في الخمر أربعين، ثم جلد عمر صدرا من إمارته أربعين، ثم جلد ثمانين في آخر خلافته، وجلد عثمان الحدين كليهما ثمانين وأربعين!، ثم أثبت معاوية الحد على الثمانين!. وأورده في السنن ٢ / ٢٤٠ عن أنس بن مالك - بشكل آخر - من أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين، وفعل أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون! فأمر به عمر.. وجاء بصور متعددة وبطرق متضافرة. انظر: صحيح مسلم - باب حد الخمر - ٢ / ٣٨، ٥٢، سنن الدارمي ٢ / ١٧٥، سنن أبي داود ٢ / ٢٤٠، مسند أبي داود الطيالسي: ٢٦٥، سنن البيهقي ٨ / ٣١٩، ٣٢٠، تيسير الوصول ٢ / ١٧، كنز العمال ٣ / ١٠٢، وغيرهم.
ومنها: جهله في حد الأمة، فقد رواه الشافعي في كتاب الام ١ / ١٣٥، وأورد بعض وجوه الحديث في هامشه ٧ / ١٤٤، وحكاه بطرق البيهقي في السنن الكبرى ٨ / ٢٣٨، وكتاب العلم لأبي عمر: ١٤٨ وغيرهم. وقال الأول: فخالف عليا وعبد الرحمن فلم يحدها حدها عندهما - وهو الرجم -، وخالف عثمان لا يحدها بحال، وجلدها مائة وغربها عاما.. وقد ناقش الواقعة شيخنا الأميني في غديره ٦ / ١٧٤ - ١٧٥ بشكل رائع، فلا حظ.
ومنها: ما ورد من أنه أتي عمر بامرأة قد نكحت في عدتها، ففرق بينهما، وجعل مهرها في بيت المال، وقال: لا يجتمعان أبدا، فبلغ عليا عليه السلام، فقال: إن كان جهلا فلها المهر بما استحل من فرجها، ويفرق بينهما، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب. فخطب عمر وقال: ردوا الجهالات إلى السنة، فرجع إلى قول علي عليه السلام، وفي لفظ الخوارزمي في مناقبه: ٥٧: ردوا قول عمر إلى علي. وفي التذكرة - لسبط ابن الجوزي -: ٨٧: فقال عمر: لولا علي لهلك عمر وجاءت الواقعة بألفاظ عدة، وقد فصلها الجصاص في أحكام القران ١ / ٥٠٤، وأوردها البيهقي في السنن الكبرى ٧ / ٤٤١ - ٤٤٢، وجاءت في الرياض النضرة ٢ / ١٩٦، وذخائر العقبى: ٨١، وغيرها.
ومنها: ما أورده المتقي الهندي في كنز العمال ٥ / 161 عن قتادة، من أنه سئل عمر بن الخطاب عن رجل طلق امرأته في الجاهلية تطليقتين وفي الاسلام تطليقة، فقال: لا آمرك ولا أنهاك. فقال عبد الرحمن: لكن آمرك، ليس طلاقك في الشرك بشئ. وجاء في هامش مسند أحمد بن حنبل 3 / 482.
ومنها: ما أورده جمع من الحفاظ منهم في حكم الخليفة في المتسابين، أوردها العلامة الأميني في غديره 6 / 144 - 146 وناقشها بما لا مزيد عليه.
ومنها: ما حكاه في السنن الكبري 8 / 252 عن جمع من أعلامهم من قول ابن عمر: كان عمر يضرب الحد في التعريض.. مع ما تواتر عن الفريقين من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ادرؤا الحدود بالشبهات.
ومنها: ما جاء عن أبي عمر الشيباني أنه قال: خبر عمر بن الخطاب برجل يصوم الدهر، فجعل
(٦٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 691 692 693 694 695 696 697 697 703 704 705 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691