بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٥٢
وهو رب البيت الحرام والركن والمقام، وما استجرنا به قط إلا أجارنا، فقوموا وبادروا. قال: فقام القوم وارتحلوا، فجعلوا يسيرون سيرا رويدا، ونحن نتبعهم بالركض الحثيث والسير الشديد فلا نلحقهم، وكثر تعجبنا من ذلك، ونظر بعضنا إلى بعض وقلنا: يا قوم! هل رأيتم أعجب من هذا؟! إنهم يسيرون سيرا رويدا ونحن نتراكض فلا يمكننا أن نلحقهم، فما زال ذلك دأبنا ودأبهم ثلاثة أيام ولياليها، كل يوم يخطون فيقوم عبد الله فيخط خطا حول القافلة ويقول لأصحابه:
لا تخرجوا من الخط فإنهم لا يصلون إليكم فننتهي إلى الخط فلا يمكننا أن نتجاوزه، فلما كان بعد ثلاثة أيام - كل يوم يسيرون سيرا رويدا ونحن نتراكض - أشرفنا على هلاك أنفسنا وعطبت دوابنا وبقينا لا حركة بنا ولا نهوض، فقلنا: يا قوم! هذا والله العطب والهلاك، فما ترون؟. قالوا: الرأي الانصراف عنهم (1)، فإنهم قوم سحرة. فقال بعضهم لبعض: إن كانوا سحرة فالرأي أن نغيب عن أبصارهم ونوهمهم أنا قد انصرفنا عنهم، فإذا ارتحلوا كررنا عليهم كرة وهجمنا عليهم في مضيق. قالوا: نعم الرأي هذا، فانصرفنا عنهم وأوهمناهم أنا قد يئسنا، فلما كان من الغد ارتحلوا ومضوا فتركناهم حتى استبطنوا واديا فقمنا فأسرجنا وركبنا حتى لحقناهم، فلما أحسوا بنا فزعوا إلى عبد الله بن عبد المطلب، وقالوا: قد لحقونا. فقال: لا بأس عليكم، امضوا رويدا. قال: فجعلوا يسيرون سيرا رويدا، ونحن نتراكض ونقتل أنفسنا ودوابنا حتى أشرفنا على الموت مع دوابنا، فلما كان في آخر النهار قال عبد الله لأصحابه: حطوا رواحلكم، وقام فخط خطا وقال: لا تخرجوا من الخط فإنهم لن يصلوا إليكم بمكروه، فانتهينا إلى الخط فوالله ما أمكننا أن نتجاوزه، فقال بعضنا لبعض: والله ما بقي إلا الهلاك أو الانصراف عنهم على أن لا نعود إليهم. قال: فانصرفنا عنهم فقد عطبت دوابنا وهلكت، وكانت سفرة مشومة علينا، فلما سمعوا ذلك من الشيخ قالوا: ألا أخبرتنا بهذا

(1) لا توجد: عنهم، في (س).
(٢٥٢)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691