بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٦٨
قد أقبل، ودخل على خديجة (1) وهي تحت حجابها، وقال: يا خديجة أين عقلك؟ وأين سؤددك؟ أنا لم أرض لك بالملوك، ورددتهم كبرا عليهم، وترضين الآن لنفسك بصبي صغير فقير يتيم ليس له مال أبدا، قد كان لك أجيرا، وهذا اليوم يكون لك بعلا؟ لا كان ذلك أبدا، والآن إن قبلتيه لأعلينك بهذا السيف، واليوم لا شك فيه تسفك الدماء، ونهض على قدميه وخرج كأنه مجنون حتى وقف على صدر المجلس وقال: يا معاشر العرب، ويا ذوي المعالي والرتب، أشهدكم على أني لم أرض محمدا لابنتي بعلا، ولو دفع لي وزن جبل أبي قبيس ذهبا، فما بيني وبينه إلا السيوف، فما مثلي من يخدع بشرب المدام، ثم قال:
ولو أنها قالت: نعم لعلوتها * بشفرة حد (2) للجماجم فاصل فمن رام تزويج ابنتي بمحمد * وإن رضيت يا قوم لست بقابل قال: فلما سمع أعمام النبي صلى الله عليه وآله كلامه والحاضرون قال حمزة لأخيه أبي طالب مع إخوته: ما بقي للجلوس موضع، قوموا بنا (3)، فبينا هم في ذلك إذ أقبلت جارية لخديجة، وأشارت إلى أبي طالب فقام معها، ووقف أبو طالب خلف الحجاب، فسلمت عليه خديجة، وقالت: نعمت صباحا ومساء، يا سيد الحرم، لا تغتر بشقشقة أبي، فإنه ينصلح بشئ قليل، ثم أعطته كيسا فيه ألفا دينار، وقالت: يا سيدي خذ هذا وسر به إليه، كأنك تعاتبه وصبه في حجره، فإنه يرضى، فسار أبو طالب والناس حاضرون، وقال له: يا خويلد ادن مني، قال: لا أدنو منك أبدا، قال: يا خويلد إنه كلام تسمعه، فإن لم يرضك فما أحد يقهرك، وفتح (4) أبو طالب الكيس وصبه في حجر خويلد، وقال له: هذه عطية من ابن أخي لك، غير مهر ابنتك، فلما رأى خويلد المال انطفت ناره، وأقبل ووقف في

(1) وقد صار معها خلق كثير خ.
(2) عضب خ ل. قلت: حد السكين: تشحذت ورق حدها. والحد من السيف: مقطعه. و العضب: السيف القاطع.
(3) زاد في المصدر: فما بقي قعود عند ثارات الفتن.
(4) في المصدر: ثم دنا من أبي طالب، ففتح.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402