بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٦٦
مجتمعين، فقال لهم: نعمتم صباحا ومساء، ما يحبسكم عن إصلاح أمركم، انهضوا في أمر خديجة، فقد صار أمرها بيدي، فجذا كان غداة غد إن شاء الله تعالى أزوجها بمحمد صلى الله عليه وآله (1)، فعندها قال محمد صلى الله عليه وآله: لا أنسى الله لك ذلك يا ورقة، وجزاك فوق صنيعك معنا (2)، ثم قال أبو طالب: الآن والله طاب قلبي، وعلمت أن أخي قد بلغ المنى، وقام لعمل الوليمة وإخوته عنده، فعند ذلك اهتز العرش والكرسي، وسجد الملائكة وأوحى الله تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن يزينها، ويصف الحور والولدان، ويهيأ أقداح الشراب، ويزين الكواعب والأتراب (3)، وأوحى إلى الأمين جبرئيل عليه السلام، أن ينشر لواء الحمد على الكعبة، وتطاولت الجبال، وسبحت بحمد الملك المتعال، على ما خص به محمدا صلى الله عليه وآله، وفرحت الأرض، وباتت مكة تغلي بأهلها كما يغلي المرجل (4) على النار، فلما أصبحوا أقبلت الطوائف والأكابر والقبائل والعشائر، فلما دخلوا منزل خديجة وجدوها وقد أعدت لهم المساند والوسائد والكراسي والمراتب، وجعلت مجلس كل واحد منهم في مرتبته ومحله، فدخل أبو جهل لعنه الله وهو يختال (5) في مشيته وزينته، وقد أرخى ذوائبه من ورائه، وحمائل سيفه على منكبه، وقد أحدقت به بنو مخزوم، فنظر إلى صدر المجلس وقد نصب فيه كرسي عظيم، وتحته أحد عشر كرسيا، في أعلى مكان مصفوفا لم ير أحسن منها، فتقدم وأراد الجلوس على ذلك السرير العالي، فصاح به ميسرة وقال له:
يا سيدي تمهل قليلا ولا تعجل، فقد وضعت منزلك عند بني مخزوم، فرجع هو خجلان، وجلس فما كان إلا قليلا وإذا بأصوات قد علت، والعرب قد تواثبت، وقد أقبل العباس (6)

(1) زاد في المصدر: وما فعلت ذلك الا محبة لابن أخيكم.
(2) لنا خ ل.
(3) كواعب: فتيات تكعبت ثديهن أي نتأت وبرزت. والأتراب: لدات قرينات، مفردها ترب، وفي الأصل الجارية التي تلعب مع نظائرها في التراب.
(4) المرجل: القدر.
(5) أي يتكبر، والمصدر: وهو يسحب أذياله، ويجر أطماره.
(6) النبي والعباس خ ل.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402