بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٩٥
وخرج إسماعيل إلى الطائف يمتار لأهله طعاما، (1) فنظرت إلى شيخ شعث فسألها عن حالهم فأخبرته بحسن حالهم، وسألها عنه خاصة فأخبرته بحسن حاله، (2) وسألها ممن أنت؟ فقال: امرأة من حمير، فسار إبراهيم عليه السلام ولم يلق إسماعيل، وقد كتب إبراهيم كتابا فقال: ادفعي هذا الكتاب إلى بعلك إذا أتى إن شاء الله، فقدم عليها إسماعيل عليه السلام فدفعت إليه الكتاب فقرأه وقال: أتدرين من ذلك الشيخ؟ فقالت: لقد رأيته جميلا فيه مشابهة منك، قال: ذاك أبي، فقالت يا سوأتاه منه، (3) قال: ولم؟ نظر إلى شئ من محاسنك؟
قالت: لا ولكن خفت أن أكون قد قصرت. وقالت له امرأته وكانت عاقلة: فهلا نعلق على هذين البابين سترين: سترا من ههنا وسترا من ههنا، قال: نعم فعملا له سترين (4) طولهما اثنا عشر ذراعا فعلقهما على البابين فأعجبها ذلك (5) فقالت: فهلا أحوك للكعبة ثيابا ونسترها كلها فإن هذه الأحجار سمجة؟ فقال لها إسماعيل: بلى، فأسرعت في ذلك وبعثت إلى قومها بصوف كثير تستغزل بهن، قال أبو عبد الله عليه السلام: وإنما وقع استغزال النساء بعضهن من بعض لذاك، قال: فأسرعت واستعانت في ذلك، فكلما فرغت من شقة علقتها فجاء الموسم وقد بقي وجه من وجوه الكعبة، فقالت لإسماعيل عليه السلام: كيف نصنع بهذا الوجه الذي لم ندركه بكسوة فنكسوه خصفا، (6) فجاء الموسم فجاءته العرب على حال ما كانت تأتيه فنظروا إلى أمر فأعجبهم فقالوا: ينبغي لعامر (7) هذا البيت أن يهدى إليه، فمن ثم وقع الهدي، فأتى كل فخذ (8) من العرب بشئ تحمله من ورق ومن أشياء غير ذلك حتى اجتمع شئ كثير فنزعوا ذلك الخصف وأتموا كسوة البيت، وعلقوا عليها بابين، وكانت

(1) أي يجمع لهم طعاما.
(2) في الكافي: فأخبرته بحسن الدين.
(3) " ": قال: ذاك إبراهيم فقالت: واسوءتاه.
(4) " ": فعملا لهما سترين.
(5) " ": فاعجبهما.
(6) " ": لم تدركه الكسوة فكسوه خصفا. قلت الخصف: الجلة التي يكنز فيه التمر.
(7) " ": " لعامل " وكذا فيما يأتي (8) الفخذ: هو ما انقسم فيه أنساب البطن كبني هاشم وبنى أمية.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست