بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٨٩
وقيل: بإهلاك قوم لوط " قالوا سلاما " أي سلمنا سلاما، أو أصبت سلاما، أي سلامة " فضحكت " أي تعجبا من غفلة قوم لوط مع قرب نزول العذاب بهم; أو من امتناعهم عن الاكل وخدمتها إياهم بنفسها. وقيل: ضحكت لأنها قالت لإبراهيم: اضمم إليك ابن أخيك (1) إني أعلم أنه سينزل بهؤلاء عذاب فضحكت سرورا لما أتى الامر على ما توهمت; وقيل: تعجبا وسرورا من البشارة بإسحاق لأنها كانت هرمت وهي بنت ثمان وتسعين أو تسع وتسعين، وقد كان شاخ زوجها، وكان ابن تسع وتسعين سنة أو مائة سنة; وقيل: مائة وعشرين سنة، ولم يرزق لهما ولد في حال شبابهما، ففي الكلام تقديم وتأخير، وروي ذلك عن أبي جعفر عليه السلام " ومن وراء إسحاق " أي بعد إسحاق، وعن ابن العباس: الوراء ولد الولد; وقيل: إن ضحكت بمعنى حاضت، وروي ذلك عن الصادق عليه السلام يقال: ضحكت الأرنب أي حاضت " رحمت الله " خبر أو دعاء " يجادلنا " أي يجادل رسلنا ويسائلهم " في قوم لوط " بما سيأتي في الاخبار، أو يسألهم بم يستحقون العذاب؟ وكيف يقع عليهم؟ وكيف ينجي الله المؤمنين؟ فسمي الاستقصاء في السؤال جدالا، فقالت الملائكة: " يا إبراهيم أعرض عن هذا " القول " إنه قد جاء أمر ربك " بالعذاب فهو نازل بهم لا محالة. (2) " هذا البلد " يعني مكة وما حولها من الحرم " رب إنهن أضللن " أي ضل بعبادتهن كثير من الناس " فمن تبعني فإنه مني " أي من تبعني من ذريتي التي أسكنتهم هذا البلد على ديني في عبادة الله وحده فإنه من جملتي وحاله كحالي " فإنك غفور رحيم " أي ساتر على العباد معاصيهم، رحيم بهم في جميع أحوالهم، منعم عليهم " ربنا إني أسكنت من ذريتي " يريد إسماعيل مع أمه هاجر وهو أكبر ولده، وروي عن الباقر صلى الله عليه وآله أنه قال: نحن بقية تلك العترة، وقال: كانت دعوة إبراهيم لنا خاصة " بواد غير ذي زرع " يريد وادي مكة وهو الأبطح إذ لم يكن بها يومئذ ماء ولا زرع ولا ضرع " عند بيتك المحرم " أضاف البيت إليه إذ لم يملكه أحد سواه، ووصفه بالمحرم لأنه لا يستطيع أحد الوصول

(1) هذا مبنى على ما ذكره الثعلبي وغيره من أن لوطا كان ابن أخي إبراهيم وهو لوط بن هاران بن تارخ; منه قدس سره. قلت: قاله الثعلبي في العرائس ص 61، وقال اليعقوبي: كان لوط ابن أخيه خاران بن تارخ.
(2) مجمع البيان 5: 179 - 181. م
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست