بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٨٨
تعال فاجلس معي على مائدتي، فقال إخوة يوسف: لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته، وقال يوسف لابن يامين " إني أنا أخوك فلا تبتئس " (1) بما تراني أفعل، واكتم ما أخبرتك ولا تحزن ولا تخف، ثم أخرجه إليهم وأمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم ويعجلوا لهم الكيل، وإذا فرغوا فاجعلوا المكيال في رحل أخيه ابن يامين، ففعلوا ذلك وارتحل القوم مع الرفقة فمضوا ولحقهم فتية يوسف فنادوا: أيتها العير إنكم لسارقون، قالوا: ماذا تفقدون؟ قالوا: نفقد صواع الملك، قالوا: ما كنا سارقين قالوا: فما جزاؤه إن كنتم كاذبين؟ قالوا: جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه، قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل، ثم قالوا: يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه، قال: معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده، قال كبيرهم: إني لست أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي.
فمضى إخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب صلوات الله عليهما فقال لهم: أين ابن يامين؟ فقالوا: سرق مكيال الملك فحبسه عنده، فاسأل أهل القرية والعير حتى يخبروك بذلك، فاسترجع يعقوب واستعبر حتى تقوس ظهره، فقال يعقوب: يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه فخرج منهم نفر وبعث معهم ببضاعة، وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يعطفه (2) على نفسه وولده، فدخلوا على يوسف بكتاب أبيهم فأخذه وقبله وبكى، ثم أقبل عليهم فقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه قالوا: أأنت يوسف؟ قال أنا يوسف وهذا أخي وقال يوسف: لا تثريب عليكم اليوم؟ بغفر الله لكم اذهبوا بقميصي هذا بلته دموعي فألقوه على وجه أبي وأتوني بأهلكم أجمعين فأقبل ولد يعقوب يحثون السير بالقميص: فلما دخلوا عليه قال لهم; ما فعل ابن يامين؟ قالوا: خلفناه عند أخيه صالحا، فحمد الله عند ذلك يعقوب وسجد لربه سجدة الشكر واعتدل ظهره، وقال لولده: تحملوا إلى يوسف من يومكم، فساروا في تسعة أيام إلى مصر، فلما دخلوا اعتنق يوسف أباه، ورفع خالته، ثم دخل منزله وأدهن ولبس ثياب الملك، فلما رأوه سجدوا شكر الله، وما تطيب يوسف

(1) أي لا تحزن ولا تشتك.
(2) في نسخة: يشفقه.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست