بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ١٨
سبحانه به ولا يقدر عليه سواه " فبهت الذي كفر " أي تحير عند الانقطاع بما بان له من ظهور الحجة.
فإن قيل: فهلا قال له نمرود: فليأت بها ربك من المغرب؟ قيل: عن ذلك جوابان:
أحدهما: أنه لما علم بما رأى من الآيات أنه لو اقترح ذلك لاتى به الله تصديقا لإبراهيم فكان يزداد بذلك فضيحة عدل عن ذلك. والثاني: أن الله خذله ولطف لإبراهيم عليه السلام حتى أنه لم يأت بشبهة ولم يلبس " والله لا يهدي القوم الظالمين " بالمعونة على بلوغ البغية من الفساد أو إلى المحاجة، أو إلى الجنة، أو لا يهديهم بألطافه وتأييده إذا علم أنه لا لطف لهم.
وفي تفسير ابن عباس أن الله سلط على نمرود بعوضة فعضت شفته فأهوى إليها ليأخذها بيده فطارت في منخره، فذهب ليستخرجها فطارت في دماغه فعذبه به الله بها أربعين ليلة ثم أهلكه. (1) " وكذلك نري إبراهيم " أي مثل ما وصفناه من قصة إبراهيم وقوله لأبيه ما قال " نري ملكوت السماوات والأرض " أي القدرة التي تقوى بها دلالته على توحيد الله; وقيل:
معناه: ما أريناك يا محمد أريناه آثار قدرتنا فيما خلقنا من العلويات والسفليات ليستدل بها; وقيل: ملكوت السماوات والأرض: ملكهما بالنبطية; وقيل: أطلق الملكوت على المملوك الذي هو في السماوات والأرض. قال أبو جعفر عليه السلام: كشط الله له عن الأرضين حتى رآهن وما تحتهن، وعن السماوات حتى رآهن وما فيهن من الملائكة وحملة العرش " وليكون من الموقنين " أي المتيقنين بأن الله سبحانه هو خالق ذلك والمالك له. (2) " فلما جن عليه الليل " أي أظلم وستر بظلامه كل ضياء " رأى كوكبا " قيل:
هو الزهرة; وقيل: هو المشتري " فلما أفل " أي غرب " بازغا " أي طالعا " إني وجهت وجهي " أي نفسي " حنيفا " أي مخلصا مائلا عن الشرك إلى الاخلاص. (3) وذكر أهل التفسير والتاريخ أن إبراهيم عليه السلام ولد في زمن نمرود بن كنعان، وزعم

(1) مجمع البيان 1: 366 - 268. م (2) مجمع البيان 4: 322. م (3) " " ": 323 - 324. م
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست