بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ١٧٩
فأتوا به فوضعه بين الصدفين يعني بين الجبلين حتى سوى بينهما، ثم أمرهم أن يأتوا بالنار فأتوا بها فنفخوا تحت الحديد حتى صار (1) مثل النار، ثم صب عليه القطر وهو الصفر حتى سده وهو قوله: " حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا " إلى قوله: " نقبا " فقال ذو القرنين: " هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء و كان وعد ربي حقا " قال: إذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج يأجوج و مأجوج إلى الدنيا وأكلوا الناس وهو قوله: " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون (2) " قال: فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب فكان إذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الأسد المغضب، فينبعث في القرية ظلمات ورعد وبرق وصواعق يهلك من ناواه (3) وخالفه، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: وذلك قول الله عز وجل: " إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شئ سببا " أي دليلا.
فقيل له: إن الله في أرضه عينا يقال لها عين الحياة لا يشرب منها ذو روح إلا لم يمت حتى الصيحة، فدعا ذا القرنين الخضر وكان أفضل أصحابه عنده ودعا ثلاث مائة وستين رجلا ودفع إلى كل واحد منهم سمكة وقال لهم: اذهبوا إلى موضع كذا وكذا فإن هناك ثلاث مائة وستين عينا، فليغسل كل واحد منكم سمكته في عين غير عين صاحبه فذهبوا يغسلون، وقعد الخضر يغسل فانسابت (4) السمكة منه في العين وبقي الخضر متعجبا مما رأى، وقال في نفسه: ما أقول لذي القرنين؟ ثم نزع ثيابه يطلب السمكة فشرب من مائها واغتمس فيه ولم بقدر على السمكة، فرجعوا إلى ذي القرنين فأمر ذو القرنين بقبض السمك من أصحابه، فلما انتهوا إلى الخضر لم يجدوا معه شيئا فدعاه وقال له: (5)

(١) في المصدر: حتى صار الحديد. م (٢) حدب أي نشز، وهو كل مرتفع من الأرض، أراد من كل جانب أي من البلدان والأراضي البعيدة والغريبة. ينسلون أي يسرعون.
(3) أي عاداه وقصد عليه.
(4) أي مشت مسرعة.
(5) في نسخة: فقال له.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست