عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٢ - الصفحة ٦٣
(166) وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام، قال: (إذا كنت خلف إمام تأتم به، فانصت وسبح في نفسك) (1) (2) (3).

(١) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (٣١) من أبواب صلاة الجماعة، حديث 6.
(2) فيه دلالة على أن المأموم لا يصح له القراءة خلف الإمام، لان الامر للوجوب (معه).
(3) هذه المسألة مع كونها عامة البلوى في الصلاة، قد كثر فيها الخلاف، حتى أن الشهيد الثاني رحمه الله قال: لم أقف في الفقه على خلاف في مسألة تبلغ هذا القدر من الأقوال. وتحرير محل الخلاف في القراءة خلف الإمام وعدمها. ان الصلاة إما جهرية وإما سرية، وعلى الأول إما أن يسمع سماعا عاما أم لا، وعلى التقديرات فإما أن يكون في الأولتين أو الأخيرتين، فالأقسام ستة. فابن إدريس وسلار أسقطا القراءة في الجميع، لكن ابن إدريس جعلها محرمة، وسلار جعل تركها مستحبا. وباقي الأصحاب على إباحة القراءة في الجملة، لكن يتوقف تحقيق الكلام على تفصيل.
فنقول: إن كانت الصلاة جهرية، فإن سمع في أولييها ولو همهمة، سقطت القراءة فيها إجماعا، لكن هل السقوط على وجه الوجوب، بحيث تحرم القراءة فيه؟
قولان:
أحدهما التحريم، ذهب إليه جماعة منهم الشيخان والعلامة.
والثاني الكراهة، وهو قول المحقق والشهيد. وإن لم يسمع فيهما أصلا، جازت القراءة بالمعنى الأعم، لكن ظاهر أبي الصلاح الوجوب، والمشهور هو الاستحباب.
وعلى القولين، فهل القراءة للحمد والسورة، أو للحمد وحدها؟ قولان: وصرح الشيخ بالثاني.
وأما أخيرتا الجهرية، ففيهما أقوال: (أحدها) وجوب القراءة، مخيرا بينها و بين التسبيح استحبابا، وهو ظاهر جماعة منهم العلامة في المختلف. وإن كانت إخفاتية ففيها أقوال: (أحدها) استحباب القراءة فيها مطلقا، وهو ظاهر العلامة في الارشاد.
(وثانيها) استحباب قراءة الحمد وحدها، وهو اختياره في القواعد، (وثالثها) سقوط القراءة في الأولتين، ووجوبها في الأخيرتين مخيرا بين الحمد والتسبيح وهو قول أبي الصلاح، (ورابعها) استحباب التسبيح في نفسه وحمد الله، أو قراءة الحمد مطلقا، وهو قول نجيب الدين يحيى بن سعيد.
ومنشأ هذا الاختلاف هو تعارض الأحاديث ظاهرا، وعند التحقيق يرجع إلى شئ واحد. وهو ان الصلاة إذا كانت جهرية وسمع المأموم ولو همهمة، حرمت القراءة للنصوص الصحيحة، منها قول أمير المؤمنين (ع): (من قرأ خلف إمام يأتم به، فمات بعث على غير الفطرة). ولو لم يسمع شيئا من القراءة، استحبت القراءة جمعا بين الاخبار.
وأما الإخفاتية فهو بالخيار بين القراءة وتركها، والترك هو الأولى، فتكون القراءة مكروهة. ويستحب له أن يسبح في جميع هذه الصور إذا لم يقرأ، رواه الصدوق في الصحيح. وأما الأخيرتان من الجهرية والاخفاتية، فهو بالخيار بين قراءة الحمد والتسبيح ولعل التسبيح هو الأفضل، لورود النهي عن القراءة في خبر صحيح. وفيما ذكرناه جمع للاخبار المتكثرة المتخالفة ظاهرا (جه).
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست