شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢٨٥
مثل فعلته الاولى، فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشأم وهم بمفارقتي قلت له: سألتك بالحق الذي أقدرك على ما رأيت إلا أخبرتني من أنت؟ فقال: أنا محمد بن علي بن موسى. قال: فتراقى الخبر حتى انتهى إلى محمد بن عبد الملك الزيات، فبعث إلي وأخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق، قال: فقلت له: فارفع القصة إلى محمد بن عبد الملك، ففعل وذكر في قصته ما كان فوقع في قصته: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة وردك من مكة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا، قال علي بن خالد:
فغمني ذلك من أمره ورققت له وأمرته بالعزاء والصبر قال: ثم بكرت عليه فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق الله، فقلت ما هذا؟ فقالوا: المحمول من الشام الذي تنبأ افتقد البارحة فلا يدرى أخسفت به الأرض أو اختطفه الطير.
* الشرح:
قوله (قال محمد وكان زيديا) أي قال محمد بن حسان: كان علي بن خالد زيديا وقال ذلك أيضا أصحاب الرجال فالعجب منه بقاؤه على مذهبه (1) بعد سماع هذا الحديث.
قوله (كنت بالعسكر) العسكر اسم سر من رأى (2).
قوله (مكبولا) أي مقيدا، والكبل بالتسكين القيد الضخم يقال: كبلت الأسير وكبلته مخففا ومثقلا إذا قيدته فهو مكبول ومكبل.
قوله (إلا أخبرتني) الاستثناء من حيث المعنى أي سألتك في جميع الأوقات إلا وقت إخبارك من أنت، أو ما سألتك شيئا إلا إخبارك من أنت وفيه على التقديرين مبالغة في السؤال وإلحاح في الإخبار.
قوله (فتراقى الخبر) أي تصاعد وارتفع حتى انتهى إلى محمد بن عبد الملك الزيات، وهو وزير المعتصم (3) وبعده وزير ابنه الواثق هارون بن المعتصم، وكان أبوه يبيع دهن الزيت في بغداد.

(1) قوله: «بقائه على مذهبه» حكي عن المفيد أنه قال بالإمامة بعد مشاهدة هذه المعجزة. (ش).
(2) قوله «العسكر اسم سر من رأى» ذكرنا أن سر من رأى ما بدء بعمارته إلا بعد وفاة أبي جعفر (عليه السلام) قال في معجم البلدان بدأ بالبناء فيه سنة 221 وكانت وفاته (عليه السلام) سنة 220 وبالجملة لم يكن هناك سجن وعسكر وعمارة وقصر اشتبه الأمر فيه على محمد بن حسان فذكر العسكر بدل بغداد. (ش). والصحيح رجلا محبوسا.
(3) قوله «وهو وزير المعتصم» كانت وزراته للمعتصم بعد قتل الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قطعا لأن المعتصم تولى الخلافة بعد وفاة المأمون سنة 218 وأخذ البيعة له الفضل بن مروان وهو غائب وحلصت له يد عنده فاستورزه المعتصم واستمر في منصبه جزاء لخدمته إلى سنة 221 على ما ذكره المؤرخون ابن خلكان (وقد قبض أبو جعفر (عليه السلام) سنة 220) ثم غضب عليه المعتصم لجمعه الأموال الكثيرة من أموال السلطان وصادره واستخرج منه ألف ألف دينار نقدا ومثل ذلك من الرياش والجواهر وغيرها واستوزر في تلك السنة أحمد بن عمار البصري فمكث في الوزارة مدة لا يحضرني مقدارها إلى أن ورد كتاب فيه ذكر الكلأ فسأل المعتصم وزير عن معنى الكلاء ولم يكن عالما به فاستحضر كاتبا من كتاب الديوان فاحضروا محمد بن عبد الملك الزيات فأحسن الجواب، واستحسنه المعتصم ونصبه وزيرا وعزل أحمد بن عمار وكان جميع ذلك بعد وفاة أبي جعفر (عليه السلام)، وما كان يعلم راوي هذا الخبر تاريخ وزرارة ابن الزيات فذكره في أثناء الخبر ولم يكن الإمام (عليه السلام) زمان وزارته حيا ولعل وقوع المعجزة كان في زمان وزارة فضل بن مروان فاشتبه الأمر على الراوي لأن ابن الزيات كان أشهر لطول مدته وشدته وكان تنور الحديد ذي المسامير الذي يعذب به من أراد مصادرته واستخراج أموال الدولة مما لا ينسى، وكان تعذيبه بذلك التنور الذي اخترعه أربعين يوما حتى مات فيه عبرة من العبر لا تمحو من الخواطر وتحقق به المثل المشهور «من حفر بئرا لأخيه وقع فيها» وأعجب من ذلك أن الراوي ذكر في الخبر العسكر يعني سر من رأى ولم يكن بني ذلك البلد إلا بعد وفاة أبي جعفر (عليه السلام)، وبالجملة الحديث ضعيف بمحمد بن حسان ووصف الخبر المجلسي - رحمه الله - أيضا بالضعف ولا ينافي وقوع المعجزة وإن اشتبه على الراوي زمانه فتصرف فيه. وفي كل زمان عدول ينفون عن أحاديثهم تحريف الغالين وتأويل الجاهلين والحمد لله على نعمائه. (ش).
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417