شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢٦
سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: نعيت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه وهو صحيح ليس به وجع، قال: نزل به الروح الأمين، قال: فنادى (صلى الله عليه وآله) الصلاة جامعة وأمر المهاجرين والأنصار بالسلاح واجتمع الناس، فصعد النبي (صلى الله عليه وآله) المنبر فنعى إليهم نفسه ثم قال: «اذكر الله الوالي من بعدي على امتي ألا يرحم على جماعة المسلمين فأجل كبيرهم ورحم ضعيفهم ووقر عالمهم ولم يضر بهم فيذلهم ولم يفقرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم ولم يخبزهم في بعثهم فيقطع نسل امتي، ثم قال: [قد] بلغت ونصحت فاشهدوا». وقال أبو عبد الله (عليه السلام) هذا آخر كلام تكلم به رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منبره.
* الشرح:
قوله (نعيت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه) النعي خبر الموت، وهو يتعدى بنفسه، يقال نعى الميت ينعاه - من باب علم - إذا أذاع موته وأخبر به وإذا ندبه، فتعديته بإلى للتأكيد والمبالغة أو لتضمين معنى الإلقاء، والناعي ههنا هو نفسه المقدسة بإلهام رباني أو بنفخ روح القدس وهو الأظهر لقوله (نزله به الروح الأمين).
قوله (وأمر المهاجرين والأنصار بالسلاح) السلاح - بالكسر -: آلة الحرب، ولعل الغرض من أمرهم بالسلاح هو أن ينظر إلى شدة بأسهم واستعدادهم.
قوله (أذكر الله الوالي) (1) تقول أذكرته إذا جعلته على ذكر منه.
قوله (ألا يرحم) «الا» حرف التحضيض للتحريض على الرحمة والحث عليها.
قوله (فأجل كبيرهم) عدل عن المضارع إلى الماضي لإظهار الحرص على وقوع الفعل، وقد روى عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال «من إجلال الله ذي الشيبة المسلم» قيل وسر ذلك أنه أكبر سنا وأعظم تجربة (2) وأكيس حزما وأقرب من الرجوع إلى الله تعالى.

1 - قوله «أذكر الله الوالي» ربما يتوهم الجاهل من هذه العبارة صحة مذهب العامة وأنه (صلى الله عليه وآله) لم يعين الوالي بعده بالنص وإنما رشح عليا (عليه السلام) ليختاروه ويرجحوا إن أرادوا، ولكن المعلوم لا يندفع بالمحتمل، والذي يجب أن يقال هنا: إن الغرض تنبيه الناس وإعلامهم بما يجب على الوالي حتى يطالبوه إن بخس حقهم وتماطل، ويدفعوه إن أصر ويعلموا أن من لا يراعى حقوق الناس فليس واليا حقا يجب عليهم إطاعته بمقتضى قوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) فينحصر الولاية الحقة في أمير المؤمنين (عليه السلام). (ش) 2 - قوله «و أعظم تجربة» تأثير التجربة في إصلاح أمر الدنيا وأكثر وأشد من العلم والتفطن والعزم والشجاعة وأمثالها، وقوله أكيس لأن العقول معارضة بالأوهام والأوهام مستمدة من الشهوة والغضب، وباصطلاح أهل زماننا الغرائز والاحساسات والعواطف لا تترك العقل يجزم بالحق الصراح، وبعد عهد الشباب يضعف هذه الأمور والأوهام الناشئة منها، ولذلك يستفاد كل الخير من آراء الشيوخ وإن ضعفوا في البدن ثم إن لم يكن لهم فضل تجربة وحزم فهم مستأهلون للترحم كالصغار ولا يجوز للوالي تركهم وما هم فيه من الضعف والهوان والعجز عن طلب الرزق ويجب عليه الإنفاق عليهم والمواساة معهم من بيت المال وما جعله الله لهم. (ش)
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417