والترمذي قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. وأخرجه أيضا النسائي وابن حبان وصححه من حديث أبي هريرة. ورواه النسائي من حديث جرير مرفوعا، قال الحافظ:
وإسناده صحيح. ورواه ابن أبي حاتم في العلل عن جرير موقوفا، وصحح عن أبي زرعة وقفه.
وأخرجه أبو داود والنسائي من طريق ابن ملحان القيسي عن أبيه. وأخرجه البزار من طريق ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر. وحديث عائشة روي موقوفا قال في الفتح: وهو أشبه. وحديث أبي ذر الآخر حسنه الترمذي. (وفي الباب) عن ابن مسعود عند أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر وعن حفصة عند أبي داود والنسائي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام: الاثنين والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى. وعن عائشة غير حديث الباب عند مسلم قالت: كان صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي من أي الشهر صام.
وعن أبي هريرة غير حديثه الأول عند الشيخين بلفظ: أوصاني خليلي بصيام ثلاثة أيام. وعن ابن عباس عند النسائي بلفظ: كان صلى الله عليه وآله وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر وسيأتي. وعن قرة بن إياس المزني وأبي عقرب وعثمان بن أبي العاص أشار إلى ذلك الترمذي. قوله: فصم ثلاث عشرة الخ، فيه دليل على استحباب صوم أيام البيض وهي الثلاثة المعينة في الحديث، وقد وقع الاتفاق بين العلماء على أنه يستحب أن تكون الثلاث المذكورة في وسط الشهر كما حكاه النووي، واختلفوا في تعيينها، فذهب الجمهور إلى أنها ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر. وقيل: هي الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر. وحديث أبي ذر المذكور في الباب وما ذكرنا من الأحاديث الواردة في معناه يرد ذلك. قوله: ثلاث من كل شهر الخ، اختلفوا في تعيين هذه الثلاثة الأيام المستحبة من كل شهر، ففسرها عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبو ذر وغيرهم من الصحابة. وجماعة من التابعين وأصحاب الشافعي بأيام البيض. ويشكل على هذا قول عائشة المتقدم: لا يبالي من أي الشهر صام. وأجيب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعله كان يعرض له ما يشغله من مراعاة ذلك، أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز، وكل ذلك في حقه أفضل،