الله صلى الله عليه وآله وسلم أيقبل الصائم؟ فقال له: سل هذه لام سلمة فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك، فقال: يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال له: أما والله، إني لأتقاكم لله وأخشاكم له. رواه مسلم. وفيه أن أفعاله حجة. وعن أبي هريرة: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فنهاه عنها، فإذا الذي رخص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب رواه أبو داود.
حديث أبي هريرة سكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص، وفي إسناده أبو العنبس الحرث بن عبيد سكتوا عنه، قال في التقريب: مقبول، وقد أخرجه ابن ماجة من حديث ابن عباس ولم يصرح برفعه، والبيهقي من حديث عائشة مرفوعا، وأخرج نحوه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو. قوله: كان يقبلها فيه دليل على أنه يجوز التقبيل للصائم ولا يفسد به الصوم. قال النووي: ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم إلا إن أنزل بها، ولكنه متعقب بأن ابن شبرمة أفتى بإفطار من قبل. ونقله الطحاوي عن قوم ولم يسمهم، وقد قال بكراهة التقبيل والمباشرة على الاطلاق قوم وهو المشهور عند المالكية. وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يكره القبلة والمباشرة. ونقل ابن المنذر وغيره عن قوم تحريمهما، وأباح القبلة مطلقا قوم. قال في الفتح: وهو المنقول صحيحا عن أبي هريرة قال سعيد وسعد بن أبي وقاص وطائفة وبالغ بعض الظاهرية فقال: إنها مستحبة، وفرق آخرون بين الشاب والشيخ فأباحوها للشيخ دون الشاب، تمسكا بحديث أبي هريرة المذكور في الباب، وما ورد في معناه، وبه قال ابن عباس، أخرجه مالك وسعيد بن منصور وغيرهما. وفرق آخرون بين من يملك نفسه ومن لا يملك. واستدلوا بحديث عائشة المذكور في الباب، وبه قال سفيان والشافعي، ولكنه ليس إلا قولا لعائشة، نعم نهيه صلى الله عليه وآله وسلم للشاب وإذنه للشيخ يدل على أنه لا يجوز التقبيل لمن خشي أن تغلبه الشهوة وظن أنه لا يملك نفسه عند التقبيل، ولذلك ذهب قوم إلى تحريم التقبيل على من كان تتحرك به شهوته، والشاب مظنة لذلك، ويعارض حديث أبي هريرة ما أخرجه النسائي عن عائشة قالت: أهوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقبلني فقلت: إني صائمة، فقال: وأنا صائم فقبلني وعائشة كانت شابة حينئذ إلا أن يكون حديث أبي هريرة مختصا بالرجال،