بسبب صيامه ذلك اليوم. وقد قيد ذلك جماعة من المعتزلة وغيرهم بالصغائر. قال النووي فإن لم تكن صغائر كفر من الكبائر، وإن لم تكن كبائر كان زيادة في رفع الدرجات.
(والحديث) يدل على استحباب صوم يوم عرفة، وكذلك الأحاديث الواردة في معناه التي قدمنا الإشارة إليها، وإلى ذلك ذهب عمر وعائشة وابن الزبير وأسامة بن زيد وعثمان بن أبي العاص والعترة، وكان ذلك يعجب الحسن ويحكيه عن عثمان، وقال قتادة: إنه لا بأس به إذ لم يضعف عن الدعاء، ونقله البيهقي في المعرفة عن الشافعي في القديم، واختاره الخطابي والمتولي من الشافعية. وحكي في الفتح عن الجمهور أنه يستحب إفطاره حتى قال عطاء:
من أفطره ليتقوى به على الذكر كان له مثل أجر الصائم. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: أنه يجب فطر يوم عرفة للحاج. (واعلم) أن ظاهر حديث أبي قتادة المذكور في الباب أنه يستحب صوم يوم عرفة مطلقا. وظاهر حديث عقبة بن عامر المذكور في الباب أيضا أنه يكره صومه مطلقا لجعله قريبا في الذكر ليوم النحر وأيام التشريق، وتعليل ذلك بأنها عيد وأنها أيام أكل وشرب. وظاهر حديث أبي هريرة أنه لا يجوز صومه بعرفات، فيجمع بين الأحاديث بأن صوم هذا اليوم مستحب لكل أحد مكروه لمن كان بعرفات حاجا. (والحكمة) في ذلك أنه ربما كان مؤديا إلى الضعف عن الدعاء والذكر يوم عرفة هنالك والقيام بأعمال الحج. وقيل: الحكمة أنه يوم عيد لأهل الموقف لاجتماعهم فيه ويؤيده حديث أبي قتادة. وقيل: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما أفطر فيه لموافقته يوم الجمعة، وقد نهى عن إفراده بالصوم كما سيأتي، ويرد هذا حديث أبي هريرة المصرح بالنهي عن صومه مطلقا. قوله: فشرب وهو يخطب فيه دليل على جواز الأكل والشرب في المحافل من غير كراهة. وفي رواية للبخاري من حديث ميمونة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شربه والناس ينظرون إليه.
قوله: عيدنا أهل الاسلام فيه دليل على أن يوم عرفة وبقية أيام التشريق التي بعد يوم النحر أيام عيد.
باب صوم المحرم وتأكيد عاشوراء قد سبق أنه صلى الله عليه وآله وسلم: سئل أي الصيام بعد رمضان أفضل؟