قبل صلاة العيد. قوله: فهي زكاة مقبولة المراد بالزكاة صدقة الفطر. قوله:
فهي صدقة من الصدقات يعني التي يتصدق بها في سائر الأوقات، وأمر القبول فيها موقوف على مشيئة الله تعالى. والظاهر أن من أخرج الفطرة بعد صلاة العيد كان كمن لم يخرجها باعتبار اشتراكهما في ترك هذه الصدقة الواجبة، وقد ذهب الجمهور إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط، وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر، والحديث يرد عليهم. وأما تأخيرها عن يوم العيد فقال ابن رسلان: إنه حرام بالاتفاق لأنها زكاة، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في إخراج الصلاة عن وقتها، وحكي في البحر عن المنصور بالله أن وقتها إلى آخر اليوم الثالث من شهر شوال.
وعن إسحاق بن سليمان الرازي قال: قلت لمالك بن أنس: أبا عبد الله كم قدر صاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: خمسة أرطال وثلث بالعراقي أنا حزرته، فقلت: أبا عبد الله خالفت شيخ القوم، قال: من هو؟ قلت: أبو حنيفة يقول ثمانية أرطال، فغضب غضبا شديدا ثم قال لجلسائنا: يا فلان هات صاع جدك، يا فلان هات صاع عمك، يا فلان هات صاع جدتك، قال إسحاق: فاجتمعت آصع فقال: ما تحفظون في هذا؟ فقال هذا حدثني أبي عن أبيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال هذا حدثني أبي عن أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال الآخر حدثني أبي عن أمه أنها أدت بهذا الصاع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال مالك: أنا حزر ت هذه فوجدتها خمسة أرطال وثلثا رواه الدارقطني.
هذه القصة مشهورة، أخرجها أيضا البيهقي بإسناد جيد. وقد أخرج ابن خزيمة والحاكم من طريق عروة عن أسماء بنت أبي بكر أمه أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمد الذي يقتات به أهل المدينة. وللبخاري عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يعطي زكاة رمضان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمد الأول، ولم يختلف أهل المدينة في الصاع وقدره من لدن الصحابة إلى يومنا هذا أنه كما قال أهل الحجاز: خمسة أرطال وثلث بالعراقي. وقال العراقيون منهم أبو حنيفة أنه ثمانية أرطال، وهو قول مردود تدفعه هذه القصة المسندة إلى صيعان