البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
على النجس الذي ليس حيوانا وهو ليس واحدا من الأنواع. واعلم أنه لا فرق بين أن تموت الفأرة في البئر أو خارجها وتلقى فيها وكذا سائر الحيوانات إلا الميت الذي تجوز الصلاة عليه كالمسلم المغسول أو الشهيد. نعم في خزانة الفتاوى: والفأرة اليابسة لا تنجس الماء لأن اليبس دباغة ا ه‍. ولا يخفى ضعفه لأنا قدمنا أن ما لا يحتمل الدباغة لا يطهر وأن اليبس ليس بدباغة، ويدل عليه ما في الذخيرة أن الفأرة الميتة إذا كانت يابسة وهي في الخابية وجعل في الخابية الزيت فظهر ت على رأس الخابية فالزيت نجس ا ه‍. ثم اعلم أن الواقع في البئر إما نجاسة أو حيوان وحكم النجاسة قد تقدم في قوله وتنزح البئر بوقوع نجس على ما أسلفناه، والحيوان إما آدمي أو غيره، وغير الآدمي إما نجس العين أو غيره. وغير نجس العين إما مأكول اللحم أو غيره. والكل إما أن أخرج حيا أو ميتا والميت إما منتفخ أو غيره.
فالآدمي إذا خرج حيا ولم يكن في بدنه نجاسة حقيقية أو حكمية وكان مستنجيا لم يفسد الماء وإن كان مسلما جنبا أو محدثا فانغمس بنية الغسل أو لطلب الدلو فقد تقدم حكمه، وإن كان كافرا روي عن أبي حنيفة أنه ينزح ماؤها لأن بدنه لا يخلو عن نجاسة حقيقة أو حكما، وإن أخرج ميتا وكان مسلما وقع بعد الغسل لم يفسد الماء وإن كان قبله فسد، والكافر يفسد قبل الغسل وبعده وغير الآدمي إن كان نجس العين كالخنزير والكلب على القول بأنه نجس العين نجس البئر، مات أو لم يمت، أصاب الماء فمه أو لم يصب. وعلى القول بأن الكلب ليس بنجس العين لا ينجسه إذا لم يصل فمه إلى الماء وهو الأصح، وقيل دبره منقلب إلى الخارج فلهذا يفسد الماء بخلاف غيره من الحيوانات. وأما سائر الحيوانات فإن علم ببدنه نجاسة تنجس الماء وإن لم يصل فمه إلى الماء، وقيدنا بالعلم لأنهم قالوا في البقر ونحوه يخرج ولا يجب نزح شئ وإن كان الظاهر اشتمال بولها على أفخاذها لكن يحتمل طهارتها بأن سقطت عقب دخولها ماء كثيرا. هذا مع أن الأصل الطهارة، وإن لم يعلم ولم يصل فمه إلى الماء، فإن كان مما يؤكل لحمه فلا يوجب التنجيس أصلا، وإن كان مما لا يؤكل لحمه من السباع والطيور ففيه اختلاف المشايخ والأصح عدم التنجيس، وكذلك في الحمار والبغل والصحيح أنه لا يصير الماء مشكوكا فيه، وقيل ينزح ماء البئر كله. وإن وصل لعابه فحكم الماء حكمه
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست