البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
وغيره اه‍. وفي معراج الدراية: ثم قوله ما لا يكون حدثا إلى آخره لا ينعكس فلا يقال ما لا يكون نجسا لا يكون حدثا فإن النوم والجنون والاغماء وغيرها حدث وليست بنجسة ا ه‍.
لكن قد يقال إنه مطرد منعكس لأن المراد ما يخرج من بدن الانسان وليس بحدث لا يكون نجسا، وكذا ما يخرج من البدن وليس بنجس لا يكون حدثا، وأما النوم ونحوه فلم يدخل في العكس في قولنا ما لا يكون نجسا لا يكون حدثا، لأنه ليس بخارج من بدن الانسان.
قوله: (ولا يشرب أصلا) أي بول ما يؤكل لحمه لا يشرب أصلا لا للتداوي ولا لغيره، وهذا عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: يجوز للتداوي لأنه لما ورد الحديث به في قصة العرنيين جاز التداوي به إن كان نجسا. وقال محمد: يجوز شربه مطلقا للتداوي وغيره لطهارته عنده.
ووجه قول أبي حنيفة رحمه الله أنه نجس والتداوي بالطاهر المحرم كلبن الأتان لا يجوز فما ظنك بالنجس، ولان الحرمة ثابتة فلا يعرض عنها إلا بتيقن الشفاء، وتأويل ما روي في قصة العرنيين أنه عليه السلام عر ف شفاءهم فيه وحيا ولم يوجد تيقن شفاء غيرهم لأن المرجع فيه الأطباء، وقولهم ليس بحجة قطعية، وجاز أن يكون شفاء قوم دون قوم لاختلاف الأمزجة حتى لو تعين الحرام مدفعا للهلاك الآن يحل كالميتة والخمر عند الضرورة، ولأنه عليه السلام علم موتهم مرتدين وحيا، ولا يبعد أن يكون شفاء الكافرين في نجس دون المؤمنين بدليل قوله تعالى * (الخبيثات للخبيثين) * (النور: 26) وبدليل ما روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه عليه السلام قال إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم (1) فاستفيد من كاف الخطاب أن الحكم مختصر بالمؤمنين. هذا وقد وقع الاختلاف بين مشايخنا في التداوي بالمحرم، ففي النهاية عن الذخيرة الاستشفاء بالحرام يجوز إذا علم أن فيه شفاء ولم يعلم دواء آخر ا ه‍.
وفي فتاوى قاضيخان معزيا إلى نصر بن سلام: معنى قوله عليه السلام إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم إنما قال ذلك في الأشياء التي لا يكون فيها شفاء. فأما إذا كان فيها شفاء فلا بأس به. ألا ترى أن العطشان يحل له شرب الخمر للضرورة ا ه‍. وكذا اختار صاحب الهداية في التجنيس فقال: إذا سال الدم من أنف إنسان يكتب فاتحة الكتاب بالدم على
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست