البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢١٠
سبب ترك التعرض للمستحب في الكتاب، ثم هذا إذا كان الواقع واحدا، فأما إذا تعدد فالفأرتان إذا لم يكونا كهيئة الدجاجة كفارة واحدة إجماعا، وكذا إذا كانا كهيئة الدجاجة إلا فيما روي عن محمد أنه ينزح منها أربعون، والهرتان كالشاة إجماعا. وجعل أبو يوسف الثلاث والأربع كفارة واحدة، والخمسة كالهرة إلى التسع، والعشرة كالكلب. وقال محمد:
الثلاث كالهرة، والست كالكلب، ولم يوجد التصحيح في كثير من الكتب لكن في المبسوط أن ظاهر الرواية أن الثلاث كالهرة فيفيد أن الست كالكلب، وبه يترجح قول محمد وما كان بين الفأرة والهرة فحكمه حكم الفارة، وما كان بين الهرة والكلب فحكمه حكم الهرة.
وهكذا يكون حكم الأصغر والهرة مع الفأرة كالهرة ويدخل الأقل في الأكثر. كذا في التجنيس وغيره. وظاهره يخالف قول من قال إن الفارة إذا كانت هاربة من الهرة فوقعت في البئر وماتت ينزح جميع الماء لأنها تبول غالبا فإن على هذا القول يجب نزح الجميع في الهرة مع الفأرة لأنها تبول خوفا، قد جزم به جماعة لكن قال في المجتبى: وقيل بخلافه وعليه الفتوى ا ه‍. ولعل وجهه أن في ثبوت كونها بالت شكا فلا يثبت بالشك.
قوله: (وكله بنحو شاة) أي ينزح ماء البئر كله بموت ما عادل الشاة في الجثة كالآدمي والكلب، طاهرا كان أو نجسا، لأن ابن عباس وابن الزبير أفتيا بنزح الماء كله حين مات زنجي في بئر زمزم كما رواه ابن سيرين وعطاء وعمر وبن دينار وقتادة وأبو الطفيل، أما رواية ابن سيرين فأخرجها الدارقطني في سننه بإسناده عن محمد بن سيرين أن زنجيا مات في زمزم فأمر به ابن عباس فأخرج وأمر بها أن تنزح قال: فغلبتهم عين جاءت من الركن قال فأمر بها فسدت بالقباطي والمطارف حتى نزحوها، فلما نزحوها انفجرت عليهم. والقباطي جميع قبطية وهو ثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء وكأنه منسوب إلى القبط وهم أهل مصر،
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست