المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٨٨
في عنق العبد يدفعه به مولاه أو يفديه بمنزلة جنايته بيده ويرجع مولاه بالأقل من قيمته ومن الأرش على الغاصب لأنه حين حمله على دابته فقد صار غاصبا له ويبقى حكم غصبه ما بقي على الدابة والعبد المغصوب إذا جنى في يد الغاصب كان للمولى أن يرجع على الغاصب بالأقل من قيمته ومن أرش الجناية لأنه غصبه فارغا ورده مشغولا بالجناية بخلاف ما تقدم فالمحمول علي الدابة هناك حر والحر لا يضمن بالغصب ولو حمله عليها وهو لا لصرف الدابة ولا يستمسك عليهما فسارت الدابة فأوطأت انسانا فدمه هدر لان الذي حمله عليها ليس بقائد للدابة ولا سائق لها وإنما هذه دابة منفلتة وان كانت واقفة حيث أوقفها ولم تسر حتى ضربت رجلا بيدها أو رجلها أو بذنبها أو كدمته فلا شئ علي الصبي لان الصبي بمنزلة المتاع حين كأن لا يستمسك علي الدابة وعلي الذي أوقفها الضمان علي عاقلته لأنه متعد في هذا التسبب فإنه ممنوع من ايقاف الدابة في الطريق إلا أن يكون أوقفها في ملكه فحينئذ لا ضمان عليه لأنه غير متعد في ايقافها في ملكه والمتسبب إذا لم يكن متعديا في تسببه لا يضمن شيئا كمن حفر بئرا أو وضع حجرا في ملكه والله أعلم (باب جناية الراكب) (قال رحمه الله) وإذا سار الرجل علي دابة أي الدواب كانت في طريق المسلمين فوطئت انسانا بيد أو رجل وهي تسير فقتلته فديته على عاقلة الراكب والأصل في هذا ان السير على الدابة في طريق المسلمين مباح مقيد بشرط السلامة بمنزلة المشي فان الحق في الطريق لجماعة المسلمين وما يكون حقا للجماعة يباح لكل واحد استيفاؤه بشرط السلامة لان حقه في ذلك يمكنه من الاستيفاء ودفع الضرر عن الغير واجب عليه فيقيد بشرط السلامة ليعتدل النظر من الجانبين ثم إنما يشترط عليه هذا القيد فيما يمكن التحرز عنه دون ما لا يمكن التحرز عنه لان ما يستحق على المرء شرعا يعتبر فيه الوسع ولأنا لو شرطنا على السلامة عما لا يمكن التحرز عنه تعذر عليه استيفاء حقه لأنه لا يمتنع من المشي والسير على الدابة مخافة أن يقتل بما لا يمكن التحرز عنه فاما ما يستطاع الامتناع عنه لو شرطنا عليه صفة السلامة من ذلك لا يمتنع عليه استيفاء حقه وإنما يلزمه به نوع احتياط في الاستيفاء إذا عرفنا هذا فنقول التحرز عن الوطئ على شئ في وسع الراكب إذا أمعن النظر في ذلك فإذا لم يسلم كان جانيا وهذه جناية منه بطريق
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 » »»
الفهرست