المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٨٣
الولي فان استيفاء الولي بمنزلة شرط بقدر جنايته ومن ضمن بجنايته على النفس لا يرجع على غيره فاما في الخطأ فإنما رجع لأنه ملك المقبوض هو الدية وقد أتلفه المستوفى بصرفه إلى حاجته وهذا سبب آخر موجب للضمان عليه للشاهد وكذلك الشاهد بالمال قولهما ان في هذا الموضع يجعل هو قائما مقام من ضمنه قلنا هذا أن لو بقي حق من ضمنه قبل الولي واختياره فتضمين الشاهد ابراء منه للولي فكيف يقوم الشاهد مقامه في الرجوع عليه وقوله بأنه ينعقد السبب موجبا للملك له أن يعمل في بدله قلنا هذا ان لو كنا في الأصل نتوهم الملك في الضمان وليس في القصاص توهم الملك بالضمان بحال فلا ينعقد السبب باعتبار الحلف كيمين الغموس ثم لو كان القصاص ملكا لهما لم يضمنه المتلف عليهما كما إذا شهدا على الولي بالعفو وقتل من عليه القصاص انسان آخر فليس له القصاص قبل الضمان وانعقاد السبب لا يكون أقوى من ثبوت الملك حقيقة وإذا كان المتلف للقصاص لا يضمنه للمالك فكيف يضمنه لمن انعقد له السبب وبه فارق مسألة غصب المدبر والكتابة فان هناك لو كان مالكا حقيقة لم يضمنه المتلف عليه فكذلك إذا جعل كالمالك حكما باعتبار انعقاد السبب فيكون له أن يرجع بالبدل لذلك ولو رجع الشاهدان دون الولي فقال الولي أنا أجئ بشاهدين آخرين يشهدان على ذلك وقد قتل القاتل لم التفت إلى ذلك لان الولي لا يثبت لنفسه شيئا بهذه البينة فإنه قد استوفى القصاص ولا سبيل لا حد عليه إذا كان مصرا على دعواه ولم يظهر القتيل فلو قبلت هذه البينة إنما تقبل لاسقاط ضمان الدية على الراجعين وهما لا يدعيان ذلك بل يكذبان الشاهدين و يقران على أنفسهما بالدية لنسبتهم للقتل بغير حق فلا فائدة في قبول هذه البينة و لو شهد أحد شاهدي الدم مع آخر على صاحبه انه كان محدودا في قذف أو عبدا فشهادتهما باطلة لأن هذه الشهادة تقوم لابطال قضاء القاضي لا لاثبات ملك أو حق لا حد بعينه والشهادة على ابطال قضاء القاضي لا تقبل ولا شئ على واحد منهما لان الشاهد بهذا لا يصير راجعا فقد يكون هو محقا في شهادته وإن كان صاحبه عبدا أو محدودا في قذف وأما المشهود عليه فهو ثابت على شهادته منكر لما شهد به صاحبه عليه ولو شهد أنه عبد لهذا المدعي فيصير به عبدا له لأن هذه البينة تقوم لاثبات الملك للمدعى فإذا قبلت تبين بطلان القضاء الأول وأن القاضي أخطأ في قضائه بغير حجة فيكون ضمان ذلك على من وقع الضمان له وهو الولي وتجب الدية على عاقلته لأنه ظهر انه كان مخطئا في القتل وإنما ظهر بما هو حجة عليه وعلي عاقلته وبهذا الفصل تبين
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست