المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٤٤
قال فإذا لحق العبد دين فقال مولاه هو محجور عليه وقال الغرماء هو مأذون له فالقول قول المولى لأنه متمسك بالأصل وهو الحجر بسبب الرق ولان الغرماء يدعون عليه بسبب استحقاق كسبه ومالية رقبته والمولى ينكر ذلك فعليهم اثبات هذا السبب بالبينة فان جاؤوا بشاهدين على الاذن فشهد أحدهما أن مولاه أذن له في شراء البز وشهد آخر انه أذن له في شراء الطعام فشهادتهما جائزة وإن كان الدين من غير هذين الصنفين لان المشهود به إنما هو أصل الاذن فأما هذا التقيد بالبز و الطعام فلغو لان الاذن في التجارة لا يقبل التخصيص وقد اتفقا على ما هو المقصود والمشهود به فان شهد أحدهما انه أذن له في شراء البز وشهد آخر انه رآه يشترى البز فلم ينهه فشهادتهما باطلة لأنهما اختلفا في المشهود به فان أحدهما شهد بمعاينة فعل والآخر شهد بقول ولو شهد أحدهما انه رآه يشترى البز فلم ينهه وشهد الآخر انه رآه يشترى الطعام فلم ينهه فشهادتهما باطلة لان كل واحد منهما شهد بمعاينة فعل غير الفعل الذي شهد الآخر بمعاينته فلم يثبت بما شهد بمعاينة كل فعل الا شاهد واحد ولو شهد انه رآه يشترى البز فلم ينهه كان الشراء جائزا وكان العبد مأذونا له في التجارة لأنهما اتفقا على الشهادة بمعاينة فعل واحد والثابت بشهادة شاهدين كالثابت بالمعاينة ولو عاينا المولى رآه يبيع البز فلم ينهه كان مأذونا له في التجارة في الأشياء كلها فكذلك إذا شهد عليه الشاهدان بذلك والله أعلم (باب الاختلاف بين المأذون ومولاه) (قال رحمه الله) وإذا كان العبد المأذون في يده مال وعليه دين فقال هو مالي وقال مولاه بل هو مالي فالقول قول العبد لان يده في كسبه معتبرة لحق الغرماء والمولى ممنوع من أخذ ما في يده لحقهم فيكون المال في يده ككونه في يد غرمائه لان انفكاك الحجر عنه بالاذن بمنزلة انفكاك الحجر عنه بالعتق أو بالكتابة إلا أن يده قبل أن يلحقه الدين ما كانت لازمة وبلحوق الدين إياه صارت لازمة فالمنازعة بينه وبين المولى فيما في يده كالمنازعة بين المولى ومكاتبه فيما في يده وإن كان المال في يد المولى وفى يد العبد فهو بينهما نصفان لان المولى من كسب عبده في هذا الحالة كأجنبي آخر وقد استويا في دعوى اليد والعين ظهرت في يديهما فكان بينهما نصفين فإن كان في يد المولى ويد العبد ويد أجنبي فادعاه كل واحد منهم فهو بينهم أثلاثا لان يد العبد فيه كيد غريمه فتكون معارضة ليد المولى ويد الأجنبي في
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست