المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٨٧
الرجل الصبي الحر على دابة فقال له أمسكها لي وليس بيده حبل فسقط عن الدابة فمات فالدية على عاقلة الرجل لأنه سبب لاتلافه حين حمله على الدابة فكان متعديا في تسبيبه فإذا تلف بذلك السبب كان ضامنا لديته ويستوي إن كان الصبي ممن يركب أو لا يركب فان سار الصبي على الدابة فأوطأ انسانا فقتله فإن كان هو ممن يستمسك عليها فديته علي عاقلة الصبي لأنه متلف للرجل بدابته حين أوطأها إياه ولا شئ على عاقلة الذي حمله عليها لأنه أحدث السير باختياره فهو كما لو قتل رجلا في يد الغاصب باختياره وإن كان مما لا يسير على الدابة لصغره ولا يستمسك عليها فدم القتيل هدر لأن هذه الدابة بمنزلة المنفلتة فإنها سارت من غير أن يسيرها أحد والدابة المنفلتة إذا وطأت انسانا فدمه هدر وهذا الذي حمل الصبي علي الدابة لم يسيرها فلا يكون هو قائد الدابة ولا سائقا والصبي الذي لا يستمسك على الدابة بمنزلة متاع موضوع عليها فلا يكون هو مسيرا للدابة بخلاف ما إذا كان يستمسك عليها وإذا حمل الرجل معه الصبي على الدابة ومثله لا يصرفها ولا يستمسك عليها فوطئت الدابة انسانا فقتلته فالدية على عاقلة الرجل خاصة لأنه هو المسير للدابة والصبي الذي لا يستمسك بمنزلة المتاع معه على الدابة فالدية على عاقلته وعليه الكفارة لان الراكب يجعل متلفا لما أوطأ بدابته مباشرة فإنه إنما تلف بفعله والكفارة جزاء مباشرة القتل وسيأتي بيان هذا في الباب الذي يلي هذا ولو كان الصبي يصرف الدابة ويسير عليها فالدية على عاقلتهما جميعا لان كل واحد منهما مسير للدابة ها هنا فكانا جانبين على الرجل فتجب الدية علي عاقلتهما ولا ترجع عاقلة الصبي على عاقلة الرجل بشئ لان هذا بمنزلة جناية الصبي بيده والرجل لم يأمره بذلك ولو سقط الصبي فمات فديته على عاقلة الرجل لأنه هو الذي حمله عليها وقد بينا ان حامل الصبي على الدابة ضامن لديته إذا سقط سواء كان سقوطه بعدما سير الدابة أو قبل أن يسيرها وكان هو ممن يستمسك عليها أو لا يستمسك عليها وإذا حمل العبد صبيا حرا على دابة فوقع الصبي عنها فمات فديته في عنق العبد يدفع به أو يفدى لأنه صار مسببا لهلاك والعبد يضمن بالجناية تسببا كان أو مباشرة وموجب جناية العبد الدفع أو الفداء وإن كان معه على الدابة فسارا عليها فوطئت انسانا فمات فعلى عاقلة الصبي نصف الدية وفي عنق العبد نصفها يدفع به أو يفدى لأنهما جانيان علي المقتول فعلى كل واحد منهما موجب جنايته ويجعل في ذلك الحكم كأنه تفرد به وإذا حمل الحر الكبير العبد الصغير على الدابة ومثله يصرفها ويستمسك عليها ثم أمره أن يسير عليها فأوطأ انسانا فذلك
(١٨٧)
مفاتيح البحث: القتل (2)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 » »»
الفهرست