المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٩١
لان دفع صاحبه إياه علة معتبرة لاتلافه في الحكم فاما قوة المصطدم فلا تصلح أن تكون علة معارضة لدفع الصادم فهو بمنزلة من وقع في بئر حفرها رجل في الطريق يجب الضمان علي الحافر وإن كان لولا مشيه وثقله في نفسه لما هوى في البئر وكذلك لو دفع انسان غيره في بئر حفرها رجل في الطريق فالضمان علي الدافع دون الحافر وإن كان لولا حفره لذلك الموضع لما أتلفه بدفعه وعلى هذا الأصل قالوا لو أن رجلين تجاذبا حبلا فانقطع الحبل فماتا جميعا فان مات كل واحد منهما بفعل صاحبه بأن وقع على وجهه فعلى عاقلة كل واحد منهما دية صاحبه لأنه إنما وقع علي وجهه بجذب صاحبه إياه وان وقع كل واحد منهما علي قناه فلا شئ على واحد منهما لان سقوطه على قفاه بقوة نفسه لا بجذب صاحبه إياه وان سقط واحد منهما على وجهه والآخر على قفاه فدية الساقط على وجهه على عاقلة صاحبه ولو قطع انسان الحبل بينهما فسقط كل واحد منهما على قفاه ومات فديتهما علي عاقلة القاطع للحبل لأنه كالدافع لكل واحد منهما ولو كان الصبي في يد أبيه فجذبه رجل من يده فمات فديته على عاقلة الجاذب لان الأب محق في إمساكه والجاذب متعد في تسبيبه وكذلك لو تجاذبا صبيا يدعي أحدهما انه ابنه والآخر يدعي أنه عبده فالدية علي عاقلة الذي يدعى أنه عبده لان الشرع جعل القول قول من يدعيه ابنه فيكون هو محقا في إمساكه والآخر متعديا في جذبه ولو جذب ثوبا من يد انسان وهو يدعى أنه ملكه فتخرق الثوب من جذبهما ثم أقام المدعى البينة انه كان له فله نصف قيمة الثوب على صاحبه لأنه كان يكفيه الامساك باليد وما كان يحتاج إلي الجذب فيجعل التخريق محالا به علي فعلهما جميعا ولو عض ذراع انسان فنزع ذراعه من فيه فسقطت انسان العاض فهو هدر ولو أنقطع لحم صاحب الذراع فأرش ذلك علي العاض لأنه محتاج إلى جذب الذراع من فيه فان العض يؤلمه وهو إنما قصد دفع الألم عن نفسه فيكون محقا في الجذب والآخر متعديا في العض ولو أخذ بيد انسان فجذب صاحب اليد يده فعطبت يده فإن كان أخذ بيده ليصافحه فلا ضمان على الذي أخذ لان الجاذب ما كان يحتاج إلى ما صنع فيكون هو الجاني على يد نفسه وإن كان أخذ يده ليعصره فالضمان على الآخذ لان الجاذب محتاج إلى الجذب لدفع الألم عن نفسه ولو جلس على ثوب انسان فقام صاحبة فتخرق الثوب من جذبه فالضمان على الجالس عليه لأنه متعد في الجلوس على ذيل الغير بغير إذنه والذي بينا في اصطدام الفارسين فكذلك الجواب في اصطدام الماشيين فإن كان أحدهما حرا والآخر عبدا فقيمة العبد على
(١٩١)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الدية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 » »»
الفهرست