المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٧
أصح لان صفة الثمنية في الفلوس عارضة باصطلاح الناس والمتعاقدان أعرض عن هذا الاصطلاح حين عقد السلم وما أعرض على الاصطلاح على كونه عدديا ولكن ليس من ضرورة خروجه في حقهما من أن يكون ثمنا خروجه من أن يكون عدديا كالجوز والبيض فاما الذهب والفضة ثمن بأصل الحقه فلا ينعدم ذلك بجعلهما إياه مبيعا ألا ترى أن الفلوس تروج تارة وتكسد أخرى وتروج في ثمن الخسيس من الأشياء دون النفيس بخلاف النقود ولا خير في السلم في اللحم لأنه مختلف في قول أبي حنيفة ولا بأس به في قول ابن أبي ليل وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله إذا أسلم في موضع منه معلوم وسمى صفة معلومة فهو جائز وقيل لا خلاف بينهما وبين أبي حنيفة بل جواب أبي حنيفة فيما إذا أطلق السلم في اللحم وهما لا يجوز ان ذلك وجوابهما فيما إذا بين منه موضعا معلوما وأبو حنيفة يجوز ذلك والأصح ان الخلاف ثابت وان عند أبي حنيفة لا يجوز السلم فيه وان بين منه موضعا معلوما وجه قولهما انه موزون معلوم فيجوز السلم فيه كسائر الموزونات وبيان الوصف أن الناس اعتادوا بيعه وزنا ويجوز استقراضه وزنا ويجري فيه الربا بعلة الوزن ثم الموزون المثمن معتبر بالمكيل المثمن ويجوز السلم فيه وان اشتمل على ما هو مقصود وعلى ما ليس بمقصود كالتمر فيما فيه من النوى غير مقصود ولا يمنع ذلك جواز السلم فكذلك ما في اللحم من العظم لان كل واحد منهما ثابت بأصل الخلقة والدليل عليه جواز السلم في الالية مع ما فيها من العظم وكذلك يجوز السلم في الشحم لأنه موزون فكذلك في اللحم ولأبي حنيفة طريقان (أحدهما) ان اللحم يشتمل على ما هو المقصود وعلى ما ليس بمقصود وهو العظم فيتفاوت ما هو المقصود بتفاوت ما ليس بمقصود منه ألا ترى أنه تجرى المماكسة بين البائع والمشترى في ذلك فالمشترى يطالبه بالنزع والبائع يدسه فيه وهذا نوع من الجهالة والمنازعة بينهما لا ترتفع ببيان الموضع وذكر الوزن بخلاف النوى الذي في التمر فالمنازعة لا تجرى في نزع ذلك وكذلك العظم الذي في الالية وعلى هذا الطريق إذا أسلم في لحم منزوع العظم يجوز عند أبي حنيفة وهو اختيار ابن شجاع والطريق الآخر أن اللحم يشتمل علي السمن والهزال ومقاصد الناس في ذلك مختلفة وذلك يختلف باختلاف فصول السنة وبقلة الكلاء وبكثرة الكلاء والسلم لا يكون الا مؤجلا فلا يدرى ان عند حلول الحول على أي صفة تكون وهذه الجهالة لا ترتفع بذكر الوصف فكان السلم في اللحم بمنزلة السلم في الحيوان وبه فارق الاستقراض فالقرض لا يكون الا حالا وفى الحال
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست