المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٩
وهو نظير دخول الحمام بأجر فإنه جائز لتعامل الناس وإن كان مقدار المكث فيه وما يصب من الماء مجهولا وكذلك شرب الماء من السقا بفلس والحجامة بأجر جائز لتعامل الناس وإن لم يكن له مقدار فما يشترط أن يصنع من الكنة على ظهره غير معلوم وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استصنع خاتما واستصنع المنبر فإذا ثبت هذا يترك كل قياس في مقابلته وكان الحاكم الشهيد يقول الاستصناع مواعدة وإنما ينعقد العقد بالتعاطي إذا جاء به مفروغا عنه ولهذا ثبت فيه الخيار لكل واحد منهما والأصح انه معاقدة فإنه أجرى فيه القياس والاستحسان والمواعيد تجوز قياسا واستحسانا ثم كان أبو سعيد البردعي يقول المعقود عليه هو العمل لان الاستصناع اشتغال من الصنع وهو العمل فتسمية العقد به دليل على أنه هو المعقود عليه والأديم والصرم فيه بمنزلة الآلة للعمل والأصح أن المعقود عليه المستصنع فيه وذكر الصنعة لبيان الوصف فان المعقود هو المستصنع فيه ألا ترى أنه لو جاء به مفروغا عنه لامن صنعته أو من صنعته قبل العقد فأخذه كان جائزا والدليل عليه أن محمدا قال إذا جاء به مفروغا عنه فللمستصنع الخيار لأنه اشترى شيئا لم يره وخيار الرؤية إنما يثبت في بيع العين فعرفنا أن البيع هو المستصنع فيه. قال (وإذا عمله الصانع فقبل أن يراه المستصنع باعه يجوز بيعه من غيره) لأن العقد لم يتعين في هذا بعد ولكن إذا أحضره ورآه المستصنع فهو بالخيار لأنه اشترى ما لم يره وقال صلى الله عليه وسلم من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه وعن أبي يوسف قال إذا جاء به كما وصفه له فلا خيار للمستصنع استحسانا لدفع الضرر عن الصانع في افساد أديمه وآلاته فربما لا يرغب غيره في شرائه على تلك الصفة فلدفع الضرر عنه قلنا بأنه لا يثبت له الخيار وفرق في ظاهر الرواية بين هذا والسلم. وقال لا فائدة في اثبات الخيار في السلم لان المسلم فيه دين في الذمة وإذا رد المقبوض عاد دينا كما كان وهنا اثبات الخيار مقيد لأنه مبيع عين فبرده ينفسخ العقد ويعود إليه رأس ماله ويوضح الفرق أن اعلام الدين بذكر الصفة إذ لا يتصور فيه المعاينة فقام ذكر الوصف في المسلم فيه مقام الرؤية في بيع العين فاما إعلام العين فتمامه بالرؤية والمستصنع فيه مبيع عين فلهذا يثبت فيه خيار الرؤية. قال (فان ضرب لذلك أجلا وكانت تلك الصناعة معروفة فهو سلم) في قول أبي حنيفة تعتبر فيه شرائط السلم من قبض رأس المال في المجلس ولا خيار فيه لرب السلم إذا أحضره المسلم إليه وهو عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى استصناع علي حاله لأنه بدون ذكر الا حل عقد
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست