المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٠٤
لان الخمر من ذوات الأمثال والمصير إلى القيمة في ذوات الأمثال عند العجز عن أداء المثل وذلك في حق المسلم دون النصراني لأنه قادر على تمليك الخمر من غيره بعوض ولهذا جازت المبايعة بالخمر فيما بينهم وان أسلم الطالب بعد ما قضي له بمثلها فلا شئ له على المستهلك لان الخمر في حق المسلم ليس بمال متقوم * ولو احتبس عينها عند النصراني له بالغصب والاستهلاك لم يضمنه شيئا فكذلك إذا احتبس ما صار دينا منها ولكنه باسلامه يكون مبرئا له عما كان له في ذمته من الخمر لأنه يخرج بفعله من أن يكون مالا متقوما في حقه ومن أن يكون متمكنا من قبضه وكذلك لو أسلما معا لان في اسلامهما إسلام الطالب ولو أسلم المطلوب وحده أو أسلم المطلوب ثم الطالب فعلي قول أبى يوسف وهو روايته عن أبي حنيفة رحمهما الله الجواب كذلك وفى قول محمد رحمه الله تعالى وهو رواية عافية وزفر عن أبي حنيفة رحمهما الله على المطلوب قيمة الخمر. وجه قول محمد رحمه الله أن الاسلام الطارئ بعد تقرر سبب الضمان يجعل كالمقترن بالسبب كما أن الاسلام الطارئ بعد العقد قبل القبض يجعل كالمقترن بالعقد ثم اقتران اسلام المطلوب بغصب الخمر واستهلاكها لا يمنع وجوب ضمان القيمة بخلاف اسلام الطالب فكذلك الطارئ وهذا لان خمر الذمي يجوز أن يكون مضمونا في يد المسلم فكذلك يجوز أن يكون مضمونا في ذمة المسلم. وبهذا تبين انه ليس في اسلام المطلوب معنى البراءة وأما خمر المسلم يجوز أن يكون مضمونا في يد الذمي فكذلك في ذمته فكان إسلامه مبرئا بهذا الطريق وهو انه يمنع بقاءها في ذمته بعده ولا يمكن جعل أصل السبب موجبا للقيمة في الاسلام المقارن لأنه وجب به ضمان المثل فلا تجب به القيمة أيضا بخلاف النكاح فان على قول محمد يجب قيمة الخمر بعد الاسلام أحدهما كانت بعينها أو بغير عينها لان اسلام الطالب مبرئ من حيث تعذر ابقائها في الذمة أو مضمونا في يد الزوج بعد اسلامهما ولكن هذا لا يمنع وجوب ضمان القيمة بأصل السبب لأن هذه القيمة عوض عن البضع وشرط وجوبها صحة التسمية لابقاء استحقاق المسمى وقد كانت التسمية صحيحة حين كان المسمى مالا متقوما يومئذ وأبو يوسف رحمه الله يقول تعذر قبض الخمر المستحق في الذمة بسبب الاسلام فلا تجب القيمة كما لو أسلم الطالب. وتحقيقه أنه لما وجب الخمر بالسبب دينا في ذمته فلا يمكن ايجاب القيمة باعتبار أصل السبب ولا يمكن ايجاب القيمة عوضا عما كان في الذمة لان شرطها تمليك ما في الذمة بها والذمي لا يقدر علي تمليك الخمر من المسلم بعوض كما أن المسلم
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست