المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٧١
ولان الأمان من فروع الدين وقوله في أصل الدين معتبر ملزم فكذلك في فروعه ولهذا صح احرامه وصح منه عقد الذمة مع قوم من المشركين والذمة أقوى من الأمان فيستدل بصحة ما هو أقوى منه على صحة الأدنى بطريق الأولى (وحجتنا) قوله تعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر علي شئ والأمان شئ وهذا عام لا يجوز دعوى التخصيص فيه لان الله تعالى ذكر هذا المثل للأصنام واحدها لا يقدر على شئ ولأنه ليس بأهل للجهاد فلا يصح أمانه بنفسه كالذمي والصبي والمجنون وبيان الوصف أن الجهاد يكون بالنفس أو بالمال ونفسه مملوكة لغيره وهو ليس من أهل ملك المال فعرفنا أنه ليس من أهل الجهاد وتأثيره أن صحة الأمان من الواحد باعتبار منفعة المسلمين فربما يكون الأمان خيرا لهم لحفظ قوة أنفسهم لان القتال حفظ قوة النفس أولا ثم العلو والغلبة ولكن الخيرة في الأمان مستورة لا يعرفه الا من يكون مجاهدا فإذا كان العبد المحجور لا يملك القتال لا يعرف الخيرة في الأمان فلا يكون أمانه جهادا بالقول بخلاف المأذون في القتال فإنه لما تمكن من مباشرة القتال عرف الخيرة في الأمان فحكمنا بصحة أمانه ولهذا لا يحكم بصحة أمان الأسير لان الخيرة في الأمان مستورة لا يعرفه الا من يكون آمنا على نفسه والأسير خائف فإذا تقرر هذا في المقيد بالأسر ففي المقيد بالرق أولى لان الأسير مالك للقتال وإنما لا يتمكن منه حسا والعبد غير مالك للقتال أصلا ولان عقد العبد على الغير ابتداء لأنهم لا يخافونه حين لم يكن مالكا للقتال بخلاف المأذون له في القتال فإنهم يخافونه فإنما يعقد علي نفسه ولا معنى لقول من يقول العبد يؤمن نفسه وهو يخافهم وإن كان محجورا عليه لأنه يقول أمنتكم ولا يقول أمنت نفسي ولو قال ذلك لا يكون أمانا ولأنه نوع ولاية حيث أنه يتقيد القول على الغير بشرط التكليف فيكون نظير ولاية النكاح والعبد لا يملك النكاح بنفسه الا ان يأذن له مولاه فيه فكذلك لا يملك الأمان إلا أن يكون مأذونا في القتال لان الأمان ترك القتال ضرورة ولكنه من القتال معنى فيملكه من يكون مالكا للقتال والآثار محمولة على المأذون في القتال وقد تقدم بيان؟ تأويل قوله صلى الله عليه وسلم يسعى بذمتهم أدناهم فاما عقد الذمة فنقول إنه يتمحض منفعة للمسلمين لان الكفار إذا طلبوا ذلك افترض على الامام اجابتهم إليه فلو اعتبر ما سبق من العبد احتسب عليهم تلك المدة لاخذ الجزية ولو لم يعتبر كان ابتداء تلك المدة من الحال فلكونه محض منفعة حكمنا بصحته من العبد كقبول
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست